قامت مجموعة مخلصة من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبمشاركة فعالة من رجال الأمن باكتشاف مصنعٍ للخمور يحتوي على 80 برميلاً وأربع حاويات كبيرة للتسخين وتسويقها في أحد المنازل في مدينة الرياض، ودائماً ما تطالعنا الصحف بمثل هذا الخبر ونحوه. ومنذ ما يربو عن الشهر والدوريات الأمنية تكشف النقاب عن مزيد من تلك الأوكار التي تتستر فيها أشباح تعمل في الظلام وتسوق لمجتمعنا الفساد من خلال بيع وتوزيع أشرطة فيديو تحوي مشاهد مخلة، وتصنيع خمورٍ داخل منازل في أحياء مأهولة أو مهجورة! ولعلنا نتساءل عمن يتحمل مسؤولية هذا الأمر؟ أتراهم سكان الحي الذي أدخل فيه هذه الكميات الهائلة دون معرفتهم؟ وكيف تم إدخالها إلى منزل في حي يقطنه سكان ويتردد رجاله على المسجد خمس مرات باليوم؟! أم أن المسؤول صاحب البيت الذي قام بتأجير العمالة أو المتواطئ معها؟! وكيف استطاعت هذه العمالة السائبة أن تؤجر هذا المنزل وتحوله إلى وكر للرذيلة والجريمة والفساد؟ أم أن المسؤولية تطال الدوريات الأمنية التي يُفترض أنها تجوب الشوارع ليلاً؟! كما لا نغفل دور أصحاب العمل، وبالتالي تسيب العمالة وترك الحبل على الغارب لهم دون أدنى مسؤولية وطنية في انتشار تلك الأوكار المعدة للشر والرذيلة! ولا زالت بلادنا وأفراد مجتمعنا يتسامحون مع المخطئ بدعوى أنه مسكين (وخلوه يترزق الله)! وما علم أحدنا أن تحصيل الرزق له ضوابط أهمها أن يكون شرعياً (حلالاً) ونظامياً. وكان الأجدى بأولئك المتسامحين ألا يبذروا المتخلفين في شوارعنا ويزرعوهم داخل أحيائنا حتى لا يثمروا فساداً يجنيه أبناؤنا بضعفهم وقلة إدراكهم!! ولعل تأخر الأجهزة الأمنية في ملاحقة هذه العمالة الوافدة السائبة، والدعم المقدم لها من بعض المواطنين والمقيمين من جنسياتهم لأجل المكاسب المادية هو الذي أدى إلى قيام هذه العمالة بالتزوير في الأوراق الثبوتية والمالية وتصنيع الخمور، وترويج المخدرات وتسويق الأفلام الإباحية، وتمرير المكالمات. ولأجل الحصول على المال فإنها لن تمانع في ممارسة أي عمل يتوفر لها، وإن كان يشكل خطراً على المجتمع أو عليها، فليس أشد من التسفير (مجاناً) والعودة بعد رؤية الأهل والأوطان بتأشيرة وجواز جديدين ولا مانع من تغيير الاسم!! ألا يكفي العمالة (النظامية) اغتصاب المهن والأعمال من شبابنا، وجعلهم يتجرعون مرارة الفشل في حناجرهم؟! والإحباط في نفوسهم؟! أما العمالة (المتخلفة) فهي تسعى إلى تغييب شبابنا عن دورهم المطلوب حتى تتمكن من استمرار تواجدها على أرضنا وكأن كلا الطرفين (نظامي، ومتخلف) قد تآمرا على إضاعة شبابنا وانحرافهم عن الطريق السليم!! إننا إن لم نسعَ إلى إصلاح أوضاعنا بأنفسنا بنبذ الاتكالية وخلع رداء الكسل والرفض بأن يشاركنا لقمة عيشنا إلا من يستحق، ومن نحن بحاجته فعلاً، ونشكّل وحدة وطنية ويداً واحدة ضد هذه المخاطر، وإن لم نفعل، فإننا سنظل أسرى لهؤلاء وتابعين لغيرهم! دعونا نعترف.. إننا شركاء مع هؤلاء المتخلفين في فتح الطريق لهم لنشر الرذيلة والفساد! فالراضي كالفاعل، والرضا لا يعني القبول بقدر ما يكون الصمت والتخلي عن المسؤولية الجماعية، فكم نعرف من متخلف أو هارب من صاحب العمل؟ وكم يعرف غيرنا؟! وهل تم (حقاً) التناصح بيننا، وتوعية المتهاون بهم، والأخذ على يد المتعاون معهم؟!ولا يكفي اعترافنا بالخطأ بل لا بد من السعي لإصلاحه واجتثاث البؤر الفاسدة في مجتمعنا عبر طرق مختلفة، من خلال حملة وطنية مكثفة تحمل الطابع التوعوي، ابتداء بالمساجد والمدارس والنوادي الرياضية وانتهاء بوسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة مروراً باللوحات الإعلانية في الشوارع والطرق الرئيسية باعتباره واجباً وطنياً وشرعياً وأخلاقياً. أليست بلادنا؟! ألسنا شركاء في خيراتها؟؟ أو ليست جديرة باهتمامنا وحبنا؟ الحب الحقيقي وليس حب الشعارات؟!
ص ب 260564 الرياض 11342 |