Thursday 31th March,200511872العددالخميس 21 ,صفر 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "سماء النجوم"

الطارق بليلالطارق بليل

تمام الخامسة.. نوم وحزن ودهشة.. نهضت من السرير مفزوعاً.. شارداً من حلم شديد الصلة بكوابيس قديمة ومعتادة. الطرقات القوية على الباب شدتني من سريري وصبت في بدني خوف العالم.
نهوضي لم تعثره قدماي، كنت قادراً على الذهاب إلى الباب.. لم أحتج لأي ضوء، أحلامي تقودني، تعلمت منذ زمن أن الأحلام أنوار للذهاب.
ظلام الشتاء العنيف لم يفلح في ثنيي عن التقدم.. والطرقات تزداد عنفاً.. أطرقت.. تساءلت دون أن أتكلم:
- لماذا لا يعمل الجرس؟
وازددت إمعاناً في المشي رغم كثافة الظلام وامتلاء الوقت بالشتاء.
توقفت لثوان وفكرت لو أني أشعل شمعة..
أرى الدرب.. أتلمّس سبيلاً للباب.
- (وَلْ.. هادول شوية ويفزروا الباب).
كانوا شديدي الطرق.. وكنت شديد البطء..
يطرقون بلغة لا أحبها.
- طيب ليش ما يدقوا الجرس؟
للأجراس لغة أقوى! الأصابع لا أحبها لغة..
وهنا تنبهت إلى أنني لا أعلم إن كان لباب بيتي جرس أو عليه أصابع تركها أطفال وسخون بلا ليل.
ظللت أفكر وأتساءل: ترى من يكون هذا الطارق بليل؟
ثم أحقاً أن الوقت ليل؟ وأين أمي؟ هل كانت تنام إلى جواري أو كأني أدخلتها المستشفى أمس وعدت وحيداً.
سخنت شيئاً من الخبز والتقمته مع شاي بارد بعد أن كفت النار عن الحضور وتكاثف الشتاء ثم نمت وامتلأت كوابيس وجنوناً.
في طريقي عائداً من المستشفى لم أبصر أحداً أقذفه بابتسامتي وتحياتي. أثناء توقفي العابر عند احمرار الطريق.. لا أرى أحداً يكترث بي وفي السوبر ماركت ابتعت زجاجات ماء تحسباً لغد بلا ماء.
ناولت المحاسب ورقة من فئة الخمسمائة ريال فامتعض ونظر إليّ بذهول ممزوج بشيء من الامتعاض والاحتقار وكاد يصرخ في وجهي:
- الله لا يوفقك.
لم أبالِ به وبتقرفه وقررت التشاغل عنه بفرك عيني والاستغراق في تأمل كائنات لدنه لم يضايقها وجودي.
أثناء إيقافي السيارة كنت شديد العطش فاحتسيت ماء وجرعت علبة كوكا كولا. هجست بإشعال سيجارة، لكنني استحيت من عيون كثيرة رصدتني، وسرت بخجل وكبرياء نحو بيتي. تقلصت مشاعر اللا اكتراث والعيون الكثيرة تطول ما أحمل من مشتريات.. عيون لم يتميز فضولها من حسدها.

محمود تراوري

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved