قرأت ما كتبه الأستاذ محمد أبو حمراء في عدد الجزيرة 11856 وتاريخ 5 من صفر 1426هـ وكان بعنوان (كيف ننمي الولاء؟) فأقول مستعيناً بالله: عندما يكون الحديث عن الوطن فلا بد أن يكون حديثاً لا تنقصه الصراحة أبداً وعندما نكتب عن الوطن فلا بد أن نكتب بكل شفافية وموضوعية وإخلاص ومحبة لماذا؟ لأن الوطن يا سادة لا يقبل ولا يريد أنصاف الحلول ولا يحبذ اللون الرمادي أبداً، بل يريد مناقشة مشاكله وسلبياته وحتى إيجابياته بوضوح وكلمة حق ومن هنا جاء حديثي عن وطني الغالي حتى وإن أغضب البعض، فربما رآه البعض الآخر صريحاً وواقعياً، الوطن يا سادتي لا يريد مراء ولا زيفاً ولا خداعاً أو مجاملة كبعض الأمور.. ولو كنا غير ذلك لربما أضررنا بالوطن وجرحناه من حيث نشعر أننا نداويه.. فالوطن هو الباقي وغيره إلى زوال.. من سمع منكم يوماً عن أب تحدث مع أولاده أو أقربائه أو أهله في جلسة صادقة عن الوطن وحب الوطن والإنتماء الحقيقي للوطن والإخلاص الصادق للوطن.. مَنْ علّم أبناءه بأن الوطن أغلى شيء في الوجود؟ من غرس في أبنائه ما قدّمه الوطن من خيرات وفضل وما يجب أن نقدمه نحن للوطن؟.. سمعتم بأن الكثير من الأحاديث تدور عن الكرة والفضائيات والفن والفنانين.. سمعتم عن أحاديث الزواج والطلاق والتفكك والإنحلال، ولكن لم تسمعوا بأن ولي الأمر خصص جزءاً من وقته الثمين ليتعلم فلذات أكباده حب الوطن والإنتماء إليه. * ماذا فعل أصحاب المؤسسات والشركات والبنوك من أجل حب الوطن والانتماء إليه، أين ذهبت كل قرارات السعودة من أجل الانتماء والمواطنة الحقيقية؟.. جميعها ذهبت أدراج الرياح لأن كل شخص من هؤلاء يبحث عن مصلحة نفسه فقط ولا للوطن، البطالة كثيرة والانحراف مستشرٍ والمستأجرون أضعاف من يملك.. فأين رجال الخير ورجال الأعمال من الوطن وأبنائه؟. الفقر يغلف حياة الكثير من أسر وطني الحبيب، أين دور الجمعيات الخيرية أم لا بد أن يأتي إليهم الفقير المعوز ليريق ماء وجهه؟.. حتى دور المسجد والمدرسة والمجتمع وقبل ذلك الأسرة إنعدم في غرس قيم ومبادئ المواطنة الحقة. * مثال: جاء إليك شخصان أحدهما من قبيلتك أو عشيرتك أو من أفراد أسرتك والآخر لا تعرفه، وكلاهما من أبناء هذا الوطن المعطاء.. وطلبا منك خدمة تؤديها لهما وأنت قادر على ذلك.. يا ترى ستقف مع من؟ وستخدم من؟ بالتأكيد الشخص الأول.. أليس كذلك؟، إذن أين تقديم مصلحة الوطن التي هي فوق كل شيء وفوق كل اعتبار أو يجب أن تكون كذلك.. علماً بأنك كنت قادراً أن تخدم الاثنين وبطريقة مشروعة.. وربما أن الشخص الثاني يستحق أكثر وهو الأفضل في كل شيء ولكن اسم القبيلة والفزعة والحمية والخوف من النقد الاجتماعي والنبذ القبلي فرضت عليك الانتماء للآخر دون الانتماء للوطن وللمصلحة العامة.. وقس عزيزي القارئ على ذلك الكثير من الأمثلة.
عبدالرحمن عقيل حمود المساوي |