قرأت مؤخراً الخبر الذي نشر في صفحة (محليات) بالعدد رقم 11853 تحت عنوان (سيارة يقودها مراهق تصطدم بعمود كهرباء!!) وفي الحقيقة لم نعد نستغرب أبداً في هذه الأيام أن نرى طفلاً صغيراً وقد امتطى بكل كبرياء سيارة تفوقه حجماً وقوة وقد وضع تحته (وسادة) ترفعه ليرى ما أمامه في الطريق وقدماه بالكاد تصلان إلى دواسة الفرامل وهو يقودها بكل زهو أمام الناس في كل مكان دون رادع من نظام أو خوف من حادث، فكيف بالله سيتحكم هذا الصغير القصير بهذه الكتلة الكبيرة من الحديد في حال تفاجأ بشيء يقطع عليه الطريق، هؤلاء الصغار لم يجدوا أسرة تمنع عنهم هذا الدلال المفرط الذي وصل إلى درجة تسليمهم كومة حديد يقارعون بها بقية السائقين في الطرقات العامة وداخل الحواري والأحياء يقودونها بسرعة جنونية قصوى ويمارسون بها شتى أنواع التفحيط والتهور، هؤلاء لو تركناهم على حالهم بدون رادع لازداد عددهم يوماً بعد يوم ولتشجع الكثيرون منهم على تقليد غيرهم وخاصة في ظل وجود تهاون أسري واضح فما هو الحل يا ترى في إيقاف مثل هؤلاء الذين أصبحوا يوماً بعد يوم يهددون أرواح الغير من الناس، وتسبب البعض منهم في دهس أشخاص أبرياء معرضين حياة غيرهم من المارة للخطر؟ 1- الأسرة: لا شك أن للأسر دور كبير في تربية أبنائها التربية الإسلامية الصحيحة القائمة على حب الغير والتسامح معهم وعدم إيذائهم بقول أو فعل واحترام آداب الطريق والتمسك التام بأبجديات النظام الذي وضع ليضمن سلامة الجميع، غير أنه وللأسف الشديد أن الحاصل الآن أن بعض الأسر ترمي بمفتاح السيارة للمراهق ليقوم بإيصال أشقائه إلى المدرسة أو والدته للسوق فيقوم في أوقات فراغة بالتفحيط والتهور معرضاً حياته وحياة غيره للخطر، هذه الأسر يجب أن تعي دورها جيداً وأن تحافظ على سلامة أبنائها من إيقاعهم في مهاوي الردى والهلاك فالابن أمانة في أعناق والديه وهما مسؤولان عنه أمام الله عزّ وجلّ، فهو باعتباره لا يزال صغيراً فهو لا يميز أبداً بين طريق الخير والشر، ولذا يفترض الآباء أن يكونوا هم الحصن المنيع له من كل شيء بالتوجيه والتربية والتشدد في بعض الأمور وعدم منحه كامل الحرية في القيام بتصرفات لا مسؤولة قد ينتج عنها الوقوع في مشكلات هم في غنى عنها قد لا ينفع عند حصولها الندم والبكاء. - المدرسة: يقضي الطالب معظم وقته في المدرسة حيث يتلقى فيها التعليم وبعض التربية وعندما نقول: (بعضا) لأن المدارس قد تم تجريدها سابقاً من كافة وسائل التهذيب بعد أن منع الضرب أو التلفظ على الطالب أو إخراجه من الفصل وغير ذلك من الأمور، لكن هذا لا يمنع أبداً أن يكون للمدرسة دور تربوي مهم يجب أن تلعبه لمنع مثل هذه السلوكيات الخاطئة وذلك من خلال تفعيل التوعية عبر الإذاعة المدرسية وحصص النشاط أو الريادة وتنظيم المحاضرات التي يلقيها رجال الدين ورجال المرور في توعية هؤلاء المراهقين بخطورة التهور ومخالفة النظام، وإقامة المعارض الدائمة بداخل هذه المدارس وذلك للحد من حوادث الطرق وأسبابها ونتائجها السلبية التي تعاني منها كثيراً الأسرة والمجتمع. 3- الأمن: وهي الجهة الموكل بها حفظ النظام وردع المتجاوزين والخارجين على القانون، ومتى كان التطبيق حازماً وبعيداً عن التجاوزات والمحسوبية فقد آتى النظام ثماره الذي وضع من أجلها، ولذا يجب على الدوريات الأمنية زيادة جرعات التواجد الأمني في الأحياء وعند المدراس الثانوية وإقامة مراكز التفتيش الفجائية المتنقلة لضبط الصغار والمتهورين وعدم التجاوب بتاتاً مع الواسطات والمجالات التي تتسبب مع مرور الوقت في ازدياد حالات متجاوزي النظام، وعند ذلك سيصعب ردعهم أو القضاء على تصرفاتهم. 4- وقت الفراغ: إن القضاء على وقت الفراغ الذي يعاني منه كثير من الناس بسبب عدم وجود مرافق ترفيهية خاصة للشباب يؤدي إلى إحباطهم وتوجيههم إلى الطرقات حيث يقومون بالتفحيط والمعاكسات وإيذاء الغير وإدمان المخدرات، هؤلاء لو تم توجيههم الوجهة الصحيحة ومعالجة مشاكلهم وإقامة المنتديات الشبابية والأندية والأماكن الترفيهية لأمكن القضاء على معظم هذا الوقت الذي يعتبر قاتلاً لدى الكثيرين منهم، ويا حبذا لو أقيمت لهم أندية للسيارات يتم من خلالها تنظيم سباقات داخل حلبات يوضع لها كافة أنظمة السلامة، تجمع الجماهير بدلاً من تجمهرهم في ساحة مفتوحة معرضين حياتهم للخطر في حال فقد أحد هؤلاء المتهورين سيطرته على سيارته والتي قد تزحف لتصطدم بالمارة فتقتلهم.
محمد بن راكد العنزي |