لقد ذرفت الدرعية دمعة الأسى والحزن على رحيل من عرفته ابناً باراً بها واصل الليل بالنهار رغبة في تطويرها ونهضتها إنه أمير الدرعية سابقاً الشيخ محمد بن عبدالرحمن الباهلي - تغمده الله بواسع رحمته - فقد توفاه الله صباح الأحد 17-2-1426هـ وأرجو أن تأذن لي أخي القارئ الكريم في استعراض موجز لبعض جوانب سيرته العطرة رحمه الله. حيث ولد - رحمه الله - سنة 1327ه ونشأ في أسرة علم وفضل وحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في سن مبكرة كما حفظ شرح كتاب التوحيد وثلاثة الأصول للشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله وقد اختاره الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - كأحد رجال الوعظ والإرشاد. وكان - غفر الله لنا وله - محباً للعلماء حريصاً على حضور دروسهم ومجالسهم ومنهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية آنذاك والشيخ عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبدالملك بن إبراهيم آل الشيخ. رحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جناته وكذلك كان ملازماً للشيخ عمر بن حسن آل الشيخ الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف وقد تم تعيينه في مركز هيئة الدرعية ثم رئيساً لأحد مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مدينة الرياض، وكذلك كانت علاقته بسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز مفتي عام المملكة وبينهما - رحمهما الله - مراسلات. وقد كانت الدرعية تحظى باهتمامه وحرصه ومتابعته لكل شؤونها فله دور بارز في إنشاء مركز التنمية الاجتماعية بالدرعية الذي بدأ نشاطه عام 1380هـ وترأس أعمال اللجنة الأهلية التابعة للمركز كما حث الأهالي على التجاوب مع جميع مشروعات المركز ونشاطاته الاجتماعية والثقافية والصحية والزراعية ودعم وأسس بالتعاون مع أهالي الدرعية وبإشراف من وزارة الشؤون الاجتماعية أول جمعية تعاونية وترأس مجلس إدارتها فترة من الزمن، وانطلاقاً من حبه للعمل الاجتماعي فقد كان حريصاً على الزيارات شغوفاً بأعمال البر والخير وقد تم تكريمه كأحد رواد العمل الاجتماعي في الدول العربية الخليجية وذلك في عام 1405هـ. وفي أوائل عام 1385هـ تم نقله من رئاسة الهيئات إلى إمارة منطقة الرياض وعينه صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض أميراً للدرعية واستمر في إمارة الدرعية حتى منتصف عام 1420هـ وكانت الدرعية ومراكزها تشغل حيزاً كبيراً من تفكيره وتشكل آماله العريضة لتطويرها هاجساً لديه وقد تحقق على يديه بحمد الله العديد من المشاريع التعليمية والزراعية والبلدية والصحية وغيرها. وكان من أغلى أمانيه أن توجد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية معهداً علمياً في الدرعية ورفع بذلك لصاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض وقد حقق تلك الأمنية صاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن محافظ الدرعية الذي بذل جهداً موفقاً مع معالي الدكتور محمد بن سعد السالم مدير الجامعة وتم افتتاح معهد الدرعية العلمي وكان ذلك سنة 1424هـ. كان - رحمه الله - مداوماً على قراءة القرآن الكريم شغوفاً بالاطلاع على الأحاديث النبوية الشريفة وسير الصالحين كما كان - غفر الله له - مشاركاً بفكره وقلمه في كل المناسبات الدينية والوطنية وذلك عبر مختلف وسائل الإعلام. أما عن ولائه لله سبحانه ثم لقيادة هذه البلاد فأنا أقل من أن آتي ولو على النذر اليسير من مشاعره وحبه - رحمه الله - لملوك وأمراء بلادنا الغالية من آل سعود الميامين وجميع الأسرة المالكة الكريمة وإشادته في كل المناسبات بإنجازاتهم المباركة شتى وعلى الصعد كافة وهم بلا شك يبادلونه الوفاء بالوفاء كما هي سجيتهم - حفظهم الله - مع سائر مواطنيهم فضلاً عمن قدموا خدمات جليلة لبلادهم كفقيدنا الشيخ محمد بن عبدالرحمن الباهلي - رحمه الله -. وقد قدم قادة بلادنا أمثلة تُحتذى في الوفاء ومن تلك المواقف تقدم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وصاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض وصاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن محافظ الدرعية جموع المصلين عليه في يوم وفاته - رحمه الله - وتلقيهم جميعاً التعازي فيه من أهالي الدرعية وقد كان الموقف مؤثراً ولا شك كما تلقى أبناؤه التعازي من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز أمين عام الهيئة العليا للسياحة وعدد من أصحاب السمو الأمراء والفضيلة والمعالي ولا غرو فالمتوفى فقيد الجميع. أعزائي وأحبائي عبدالرحمن بن محمد الباهلي وإخوانه وأخواتهم وأبناءهم حزنكم يثقب القلب ويتجاوز طاقة المدامع أرجو الله أن يبقيكم أقوياء متحابين وأن يرحم الفقيد الغالي رحمةً واسعةً تفوق ما ذرفته المآقي وما لهجت به الألسن من دعاء له ولكم يوم مأتم وداعه.. ولا تؤسفوه بحزنكم ولا تحزنوه بدموعكم وادعوا مع الجميع الرحيم الرحمن رب الرحمة أن يرحمه ويلهمكم ومحبيه ومحبيكم الطمأنينة والصبر وحسن العزاء. فوالدكم هو والدنا ومصابكم هو مصابنا ولا نقول إلا ما يرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} وسيروا على نهجه وخطاه في حب الخير ومساعدة المحتاج وأتمنى عليكم العمل على تدوين سيرته ومواقفه فأنتم الأقرب إليه والأدرى بكثير من الأمور، كما أتمنى تواصلكم مع القيادة الحكيمة كما كان والدكم رحمه الله. وختاماً عذراً أخي القارئ، فالجبل أشم والفارس الذي هوى مغوار ولا بد أن هناك مَنْ هو أكفأ مني في الحديث عن الشيخ محمد بن عبدالرحمن الباهلي - سيرته وكفاحه - ولكن تلك المشاعر شخص محب له ومن المقربين إليه العاملين تحت إدارته وتوجيهاته في محافظة الدرعية وأذكر أبناءه ونفسي و جميع محبي الشيخ محمد الباهلي بقول الله عز وجل {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}صدق الله العظيم.
|