مشاري بن عبد الرحمن الفيصل ذكرته الوثائق وأهملته المصادر
عبد الله بن محمد المنيف

عملت خلال عام 1425هـ على جملة أعمال لم أنهِ واحدا منها، وكانت همتي خلال ذلك العام كبيرة، إلا أن مشاغل أخرى أجلت إتمام كثير من الأعمال، مع أن أغلبها قد شارف على الانتهاء، ولعل أبرز ما عملت خلال ذلك العام هو تحقيق لمخطوطة بعنوان: (آل سعود أمراء الوهابية في العارض واليمامة) لمؤلف مجهول، وقد لفت نظري خلال العمل في هذه المخطوطة جملة أمور لعلي أطلع القراء عليها حال نشرها، كما لفت نظري أيضا وأنا أعمل بها الكلام عن أبناء الإمام عبد الرحمن بن فيصل - رحمه الله -، حيث أطلعني سمو الأمير تركي بن فهد بن عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود، ولفت نظري إلى رسالة مهمة، ومرسل هذه الرسالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - ولا إشكال في هذا، إنما الذي أشكل عليّ هو اسم الشخصية المرسلة إليه، فقد ذكر في الرسالة أن اسمه مشاري بن عبد الرحمن آل فيصل، بدون زيادة في توضيح الاسم، فأخذت أبحث في المصادر التي تناولت أبناء الإمام عبد الرحمن فلم أجد أن له ابناً بهذا الاسم، فقلت لعل من تعرض لسيرة الإمام عبد الرحمن ان يذكر هذا الاسم في مصادرنا المحلية، فلم أظفر بشيء عندها يممت البحث في المصادر الأجنبية مثل كتب فيلبي وغيره، فلم أظفر بشيء فعدت مرة أخرى للبحث في مصادرنا المحلية المبكرة منها والمتأخرة فلم أجد ما يدعو للاطمئنان إلى ذلك، عندها قررت الاتصال ببعض من يهتم بمثل ذلك، فأخذت بسؤال الشيخ عبد الرحمن بن سليمان الرويشد، وغيره من المهتمين فلم أجد جواباً شافياً.
عندها قلت لعل الأمر فيه تشابه بين الأسماء، لهذا رجحت أن يكون إما من آل مشاري وإما من آل فرحان، ولعل هذا الرأي له وجاهة غير بعيدة، ومع ذلك فإن الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث لكي يتبين لنا إن كان مشاري هذا الذي أرسل له الملك عبد العزيز رسالة وذكر اسمه ثلاثياً هو أخ له أو ابن عم، ولعل في طرحي ذلك الأمر مزيد بحث من الأسرة أو ممن يعمل في هذا المجال وعنده وثيقة أو غير ذلك يظهر فيها تصحيحاً لهذا الأمر، ولعل مزيداً من البحث وتضافر الجميع في هذا يدفع بنا إلى الحصول على معلومة جديدة يمكن من خلالها إضافة هذه الشخصية إلى قائمة أبناء الإمام عبد الرحمن بن فيصل أو توضيح أمر آخر في معرفة فرعه الذي ينتمي له من هذه الأسرة الكريمة.
ومثل هذا الأمر قد واجهني من قبل عندما عملت على كتاب (أمراء الرياض خلال عهود الدولة السعودية الثلاثة)، والذي آمل أن ينشر قريباً، حيث عملت في هذا الكتاب على مدار أربع سنوات، وواجهتني فيه إشكالية قريبة من ذلك، هو أنه عندما رغبت في الكتابة عن أمراء الرياض، خلال عهد الدولة السعودية الثانية، ظهرت شخصية الأمير المرحوم حمد بن عياف، وقد ورد اسمه في كثير من المصادر النجدية ثنائياً من غير ذكر اسم والده أو أن يذكر اسم والده عبد الله بن عياف، ويشار قبل ذلك، إلى ابنه دون ذكره فيقال ابن عبد الله بن عياف، هكذا. ومع مزيد من البحث ظهرت لي وثيقة مهمة في هذا، وإن كانت متأخرة عن فترة توليه الإمارة، حيث أشير فيها إلى أن حمد بن عبد الله بن عياف حال كونه أميراً على الرياض قد أوقف بئراً، ومن هذا النص ظهرت لي جملة من الأمور المهمة التي استفدت منها في ذلك الكتاب، أولها اسم والده، ثم حقيقة إمرته على الرياض خلال عام 1257هـ، ثم بعد ذلك اطلعت على عدد الوثائق التي جاء فيها اسمه ثلاثياً، وهذه الوثائق ليست في الرياض، بل في منطقة الوشم، حيث كان الأمير حمد بن عياف شاهداً على قضية في منطقة الوشم، وأمام هذا الأمر أجد أن الأمر لا يحتاج إلى تسرع في الحكم، بل بتجديد البحث والسؤال، والوقت قد يظهر لنا حل لهذا الإشكال.
وفي الختام، رغبت أن أورد ذلك مع صورة الوثيقة لكي أشرك القارئ الكريم معي في حل لغز هذا الاسم. متمنياً للجميع خالص الدعاء والتوفيق مذكراً بأن العلم رحم بين أهله.