رجل غير مشهور بثرائه وغير معلوم بشركاته ولكنه بهي الطلعة، مطمئن الملامح أدرك نفسه وقدم ليوم يفر المرءُ من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، ليوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة بحثت عنه يوم الحفل لأقبل رأسه أربع عشرة قبلة عن كل رقبة تحملها، ففر من الحضور وابتعد عن الإعلام وأحسبه يناجي نفسه دعوني اتركوني فإنفاقي لله وبذلي كما قال أبو ذر إنه ليوم حاجتي، إنه ليوم أن أوضع في حفرتي، إنه ليوم ينهال التراب عليّ فيه من الأهل والأحبة.. إنه رجل من المدينة المنورة كرمته جائزة المدينة - جزى الله القائمين عليها خير الجزاء وأوفاه - وذلك في الأسبوع الماضي على إنفاقه في الأعمال الخيرية ومنها حفره 75 بئراً في سبيل الله وبناء 9 مساجد وتحمل دفع ديات 14 نفساً محكوماً عليها بالقصاص مع بذل جاهه وجهده لأهل الحق ليتنازلوا عن حقهم في القصاص، ووقف عمارتين قرب الحرم المدني على أعمال الخير وفتح مسار طريق مسفلت طوله 25 كم إلى قرية الفقرة وأعمال خيرية أخرى.. هذا شيء من إنفاق العلانية الذي عرفته الجائزة وأحسب إنفاقه في السر أكثر وأعظم، إنه رجل اهتدى بهدي الله واحتسب الأجر من الله وقد علمت أنه تأبى وتمنع وتهرب من الجائزة كي لا يقال عن إنفاقه إنه للجاه والدنيا ولكن حين أُقْنِع بأنه الهدف هو دفع الآخرين للبذل والعطاء وافق لأجل الخير. إن قصة نغيمش بن حامد بن محمد الأحمدي جديرة بالرواية وحرية بالإطراء ليعلم المجتمع أن من بينه رجالاً يبذلون في صمت وينفقون في سر، رجال رزقهم الله فشكروا وأعطاهم فبذلوا رجال يستحقون الشكر والإطراء والثناء والدعاء، رجال ليسوا من أولئك الأثرياء الذين هم ما بين شحيح على آخرته أو سفيه طغى حين استغنى، وصار ينفق ما له في إعلام يهدم الأخلاق وفي سلوك يسجل عليه، { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }.
|