سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة- وفقه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. تعقيباً على كاريكاتير الرسام هاجد المنشور بجريدة الجزيرة يوم السبت الموافق 17-1-1426هـ من كون أحد رجال الأمن يمسك بطفلٍ صغير - معه رضاعة الأطفال!! لقيامه بقطع إشارة المرور. أقول: إن مما يعاني منه المجتمع بأسره ورجال الأمن خصوصاً هو ما نراه من مظاهر سلبية في شوارعنا وأحيائنا ومدارسنا تصدر من شباب صغار في عمر الزهور، اضطربت بهم سفينة الحياة، وافتقدوا الناصح الأمين، وتكالبت عليهم الظروف والمتغيرات، فأصبحوا لا يفرقون بين الغثِ والسمين، بين النافع والضار، بين الصحيح والسقيم، تلقفتهم أيدي المجرمين العابثين، فزيّنوا لهم سوء عملهم حتى رأوه حسناً. وإن المتأمل لحال كثيرٍ من الشباب ممن وقعوا في براثن الجريمة ليجد غياب الرقيب والموجه لهذا الشاب، فالأبُ مشغولٌ بأعماله، والأم لا حول لها ولا قوة، والمدرسة تلوم المنزل.. والمسجد يلوم المدرسة.. فيغيب الناصح والموجّه لهذا الشاب، فتتخطفه الشلل الفاسدة والأنفس المريضة وشيئاً فشيئاً يندرج الشاب تحت هذا التنظيم ويستمرئ الأفعال الإجرامية ثم يكون نقمة على مجتمعه وأهله. إن كثيراً من الشباب المنحرفين تشترك الأسرة والمدرسة في انحرافهم، فالأسرة ضائعة مهملة، لا يجد فيها الشاب المكان المناسب لتلقي همومه ومشاكله، بل قد يزداد الأمر سوءاً إذا نشأ الشاب في ظروف اجتماعية قاهرة، فالبعض منهم ينشأ يتيماً عند زوج والدته، والآخر ينشأ في أحضان زوجة أبيه، والبعض الآخرينشأ بعيداً عن والديه..ثم يأتي أمثال هؤلاء إلى المدرسة وهم مثقلون بهموم الدنيا محمّلون بالآهات والزفرات، تزاحمت الهموم بين أعينهم، وتحشرجت الأشجان في صدورهم، فيزداد الأمر سوءاً إذا قوبلوا بقرعٍ وتوبيخ، وعنفٍ وتجريح، فتضيق الدنيا بهم، وتسوّد الحياة في وجوههم، حتى يصبحوا كالقنابل الموقوتة التي تنتظر مَن يشعل لها الفتيل، فتنفجر على المجتمع بأسره، ويكتوي بلظاها القريب والبعيد، العدو والصديق. نعم.. نحن لا نحمّل المدرسة النصيب الأكبر في ضياع هؤلاء الشباب ولكن نريد أن تكون المدرسة مصلحاً لما يفسده الآباء، نريد أن يتفقد المعلمون أحوال طلابهم، وأن يعرفوا مشاكلهم وظروفهم، ان يراعوا الفروق الفردية بينهم فلا يحمّلوهم ما لا يطيقون، ولا يكلّفوهم أكثر مما يستطيعون، وليكونوا عوناً لأبنائهم على تخطي تلك المرحلة العُمرية الحرجة، بأن يتحملوهم، ويصبروا على عوناً إساءتهم، ويقابلوها بالإحسان، رجاءً لثواب الله - عز وجل - وابتغاءً لمرضاته. وإن مما عم بلاؤه في زماننا هذا هو ما نشاهده من اعتداءٍ على الأنفس البريئة من أحداث لم يبلغوا الثامنة عشرة من عمرهم فرّط أولياؤهم في تربيتهم، فسلموهم أدوات القتل في شوارعنا، فصاروا يتسابقون بين الحواري والمدارس، يتفاخرون بقطعهم الإشارات المرورية، ومخالفة الأنظمة والتعليمات المرعيّة، قد غابت عنهم أعين الرقيب، وبكى لوضعهم المحب والصديق. إن مسؤولية هؤلاء الشباب تقع بالمقام الأول على أهاليهم ومربيهم، كما أن الجهات المختصة في المرور مسؤولة أيضاً عن هذه الجرائم في حق المجتمع والإنسانية، فيجب عدم التساهل في إعطاء تصاريح القيادة لمن هم دون السن النظامية، كما يجب تطبيق العقوبات الرادعة في حق كلٍ مَن استهتر بأرواح الناس، وسفّه نظامهم، وألا تقبل الشفاعة في حق هؤلاء بل لابد من تطبيق العقوبة التي تردع هذا الشاب، وتحفظ على المسلمين دماءهم وأرواحهم وأموالهم. نسأل الله عزّ وجل أن يوفق شبابنا لكل خيرٍ، وأن يحفظ بلادنا من كل سوءٍ، وألا يرينا مكروهاً في قريبٍ أو صديق، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الملازم أول- محمد بن عبد العزيز المحمود الأمن العام - شرطة منطقة القصيم |