Wednesday 2nd March,200511843العددالاربعاء 21 ,محرم 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "عزيزتـي الجزيرة"

صدى:لماذا التجاهل لجهود المرحوم صالح الميمان؟!صدى:لماذا التجاهل لجهود المرحوم صالح الميمان؟!

دعاني ما قرأته من رد لابن الشيخ صالح العبدالرحمن الميمان - رحمه الله تعالى - في يوم السبت 10 محرم ص34 - عزيزتي الجزيرة- تحت عنوان (لماذا هذا التجاهل لجهود المرحوم صالح الميمان؟!) على ما كتبه المهندس عبدالعزيز بن محمد السحيباني بالعدد 11784 يوم السبت المصادف 21 ذي القعدة 1425هـ في حدود الوطن عن الخبراء والسحابين، وحيث إن ابن المرحوم صالح الميمان أشار إلى ترك جهود أمراء وبعض أعيان الخبراء لغيره، ترفعاً وتأدباً وتخلقاً بمكارم الأخلاق، من أن ينسب عنه لأبيه كيل المديح والثناء، حينما لم يذكر الكثير من المحاسن والمواقف الخيرة لوالده بين الناس، وحيث إن مكارم الأخلاق تقضي على المتخلق بحسن الخلق نسب الفضل لأهله، وبصفتي من أهالي الخبراء، عشت وعايشت شواهد شاخصة لدور صالح الميمان في تنمية بلدته الخبراء وما حولها من مدن وقرى القصيم، وما سمعت وما زلت أسمع كغيري من معاصري صالح الميمان ممن يوثق بحسن خلقهم قولا وعملا عن دوره الإنساني، خلاف ما كان له من دور ظاهر في تنمية الزراعة والحرف في الخبراء، بشواهد شاخصة إلى اليوم، فقد كان له دور إنساني يفوق دوره التطويري والتنموي المادي الملموس بين الناس، وعند كل الناس، ليس في الخبراء والسحابين وما حولها فقط بل تجاوزها إلى قرى وهجر بعيدة نائية عن بلدته الخبراء، كدخنة، والبتراء والقرين... الخ وفيما يلي بعض الوقفات الإنسانية لصالح العبدالرحمن الميمان.
الوقفة الأولى: يعرف عن الشيخ صالح العبدالرحمن الميمان أنه كان الأسبق إلى إدخل الميكنة في الخبراء والسحابين وما حولها، فقد كان أول من أحضر مكائن الري، وأول من أحضر سيارة نقل وقلب الأتربة، والحراثات الزراعية... الخ.
الوقفة الثانية: الجانب الإنساني فيه- رحمه الله- مما ترفع ابنه عن الاتيان به، فقد كان- رحمه الله- ذو جرأة فائقة، وحجة بليغة موصلة، ولسان فصيح، وقدرة عجيبة على جمع الناس إذا تفرقوا، وتأليف رأيهم إذا اختلفوا مما جعله مسموع الكلمة بينهم، كما وأنه كان واجهة اجتماعية مضيافة معروفة تتجه إليه الوفود الرسمية والزائرة.
الوقفة الثالثة: سماته الإنسانية، كان- رحمه الله- ذو بصيرة ثاقبة، فعلى الرغم من أنه يوثق كل بيوعه ومعاملاته بالكتابة وشهود الحال سواء كانت فيما بينه وبين شخص جاء إليه على ما سمع عنه دون سابق معرفة فيه، أو كان من جماعته أهل الخبراء والسحابين والبدائع، وعلوات الخبراء المعروفة الآن برياض الخبراء فكلهم جماعته من أهل الخبراء قبل أن يكونوا من أهل البدائع بعد بدعها والاستقرار بها، وكانت تسمى بدائع الخبراء، وقبل أن يكونوا من أهل العلوات بعد بدعها كمزارع لأهل الخبراء، وبعد أن أظلت البلاد والعباد دوحة الأمن والاستقرار على يد المؤسس صقر الجزيرة عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - استوطن الناس مزارعهم، وجرت فيهم سنة التطور الاجتماعي بنشوء المجتمعات السكنية، فكانت علوات الخبراء جزءا من الخبراء وهي كذلك في نظر صالح العبدالرحمن الميمان- رحمه الله- فلم يكن- رحمه الله- يفرق بين من يكون من أهل الخبراء أو علواتها أو البدائع، رغم ذلك كان- رحمه الله- يعرف مدى التزام الرجل بما التزم له به من سداد لديونه أو أقساط مشترياته منه، فقد كان يفرق بين الملتزمين الأوفياء، وبين المماطلين رغم القدرة، فقد كان يوعز لوكلائه وبعضهم ما زال حياً يرزق، فلان اتركوه، أي لا تراجعوه أو تذكروه بما هو حال عليه من دين، ورغم أنه- رحمه الله- رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب، فقد كان ذو ذاكرة مميزة يذكر أدق التواريخ والمواعيد، فإذا قال له وكيله: أنه حال على فلان كذا.. قال أدري لو عنده شيء جابه، روحوا لفلان، وفلان، واتركوا فلان وفلان اللي عندهم يجي، وكان له أسلوب وتعامل مع من يعرف أن العجز وعدم القدرة المادية على السداد هي التي تحول دون التزامه، يعمد لاستيفاء حقه منه بأي شيء وبثمن مضاعف - فقد كان يستوفي بالعسبان، والاثل، والتبن وأي شيء يعرضه المديون عليه يقول له حد، وما يسوم البضاعة، بل يطلب تحديد الثمن من صاحبها، ويقبل الثمن حتى لو كان مضاعفاً، وعدم نهجه مع القادرين بنفس المنهج مع الفقراء العاجزين الذين يعرف حرصهم على الوفاء لما في ذممهم له لولا العجز وعدم القدرة دل على إنسانيته بعدم جرح مشاعر الإنسان بإظهار الشفقة عليه بالعفو عن بعض أو كل ما في ذمته، بل كان يحرص كل الحرص على كرامة ومشاعر وإنسانية الإنسان بمنهج شراء أي شيء، وكل شيء مما لا قيمة له، ولا يصلح لسوق ولا كبضاعة، فكسب قلوب الناس واحترامهم ودعائهم، وكان له عادة حميدة، إذ يعمد الى شراء عدد من الابل ويتركها عند ممن يطمئن على سره عندهم، فإذا علم أن فلانا أو ابن فلان ممن حالهم المادية ضعيفة سيتزوج عاونه بإبلاغه أن ذبيحته عند فلان، هذا خلاف مما لا يعلم من مساعدات لبعض المساكين والفقراء مما لا يعلمه إلا الله.
الوقفة الرابعة: قصة غاية في الدلالة على إنسانية الرجل- رحمه الله-، فقد كان هناك رجل فقير قال عن نفسه، لم يكن لي عشاء لبناتي الصغار، وضاقت علي الأرض والفضاء، فقابلني فلان، فعرف من وجهي ما بي، فسألني عما في، وبعد إلحاح منه وحيث انه رفيق أخبرته بالحال، فقال رفيقي أنصحك نروح لابن ميمان نتسبب لك بمكينة تعيش أولادك، قال قلت له ما أعرف ابن ميمان أسمع فيه وهايبه، فقال لي سوف أروح أنا وإياك إليه، فهو عادته شاب قهوته بعد المغرب مباشرة، قال فلما سلمنا عليه، قال له رفيقي يابو عبدالرحمن هذا فلان، من أهل البلد الفلاني، وشرح الوضع والحال له والرغبة بالمزراعة، وقال له رفيقي له قليب وأرض غير أن الحال ما تسمح له بشيء، فلم يرد ابن ميمان علينا إلا بقولته يسهل الله. قال: تقهوينا واستأذنا وخرجنا، قال فقلت لرفيقي ماش، ما الله أعطا منه، قال لي رفيقي اصبر لك يوم يومين ونرد به لعل الله يفرجه، قال: وفي عصر اليوم التالي ما دريت إلا بالونيت جاء وبه فلان من الناس وعليه المكينة ولياته، وخمس براميل ديزل، وثلاث قلال تمر، موصيهم، لا تجون إلا وهي صابة الماء، قال طرف هذه القصة، والله إني ما شفت الفقر والحاجة عقبها إلى يومي هذا، وقال كنت أعرض عليه الغنم أو البعير فيقول: لا، أبي أثل أبي الخشب أبي العسبان أبي التبن نبي نبني، ما كان يأخذ الفلوس أو الصامل (الشيء ذو القيمة عند الناس) قال: فأوفيت ابن ميمان وغناني الله من عنده ثم من عند ابن ميمان.
مات صالح العبدالرحمن الميمان بالرياض وصلي عليه ودفن بالخبراء، وشهد أهل الخبراء انه لم يمتلئ المسجد والشوارع والمقبرة بالناس كما امتلأت في جنازة صالح العبدالرحمن الميمان رحمه الله رحمة واسعة ووالدينا أجمعين.
الوقفة الخامسة: أقترح على أهل الخبراء أن يقترحوا على بلدية الخبراء بتسمية أحد الشوارع الرئيسة بالخبراء باسم شارع صالح الميمان، عرفاناً له بخدمة الخبراء وأهلها.

إبراهيم بن موسى الطاسان - الخبراء

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved