Wednesday 2nd March,200511843العددالاربعاء 21 ,محرم 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "الرأي"

الإرهابالإرهاب
الشيخ عبدالله بن محمد المعتاز/ رئيس مجلس إدارة المساجد والمشاريع الخيرية

الإرهاب إذا كان معناه إعداد القوة لتخويف أعداء الله من الكفرة والمشركين وأعداء الدين فهو محمود، قال تعالى (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ ( 60)سورة الأنفال.
أما إذا كان مفهومه ترويع الآمنين وتخريب البلاد والعمران وبث الرعب واستعمال العنف وهدم المباني والمنشآت والمحاصيل الزراعية والصناعية كما هو الحاصل اليوم لدى الإرهابيين فهو مذموم ومرفوض فلا يحل لمسلم أن يروع مسلماً ولا ذمياً ولا معاهداً وفعله جريمة نكراء وذميمة لا يرتضيها الدين الإسلامي الحنيف.
إن إزهاق الأرواح المسلمة والذمية والمعاهدة وإثارة الرعب والخوف والفزع في قلوبهم إجرام وأذى وإساءة وبغي وعدوان وطغيان وضلال مبين، قال الله تعالى عن سحرة فرعون: (فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) (116)سورة الأعراف.
وعن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا يسيرون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل فأخذه ففزع فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً). رواه أبو داود وصححه الألباني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع في يديه فيقع في حفرة من النار) رواه مسلم.
وقال: (من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فالإرهاب للمسلمين والمؤمَّنين من الذميين والمعاهدين إثم كبير وفساد عظيم وذعر وفزع للناس ومسخطة من الله وسبب للجرائم واختلال الأمن وتسلط الكفار وبغي وإهلاك للأموال وإتلاف للممتلكات.
وهذا الفكر الضال الذي اعتنقه هؤلاء المخربون الخوارج التكفيريون سببه بُعدهم عن أهل العلم الكبار ممن يستنبطون الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة وتعلقهم بجهلة ممن يدعون العلم فيضلوا ويضلوا واعتناقهم مناهج منحرفة عن منهج أهل السنة والجماعة ولكن فعلهم هذا لن يزيد الناس إلا تماسكاً وهو دليل إفلاسهم وحقدهم على المجتمع.
إنهم بفعلهم هذا يشوهون سمعة الإسلام والمسلمين ويسببون في إيقاف الخير وجمعياته ولكن حكومتنا الرشيدة لن ترضى بحول الله بذلك.
إنهم يزرعون بذور الفتنة في بلاد الأمن والإيمان، لقد ملئت أدمغتهم بسموم التضليل ولكن الناس في بلادنا السعودية تنبذهم كما نبذ أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - الخوارج المارقين قاتلي عثمان وعلي رضي الله عنهما وسافكي دماء المسلمين وقد صارت نهايتهم وخيمة ولله الحمد إذ قتلوا أنفسهم. نسأل الله حسن الخاتمة ونعوذ به من الضلال.
إن أمن الوطن مطلب كريم وواجب شريف في عنق كل مسلم يغار على أهله وبلاده ويلتف حول حكامه وعلمائه خاصة وأن حكامنا ولله الحمد خير حكام في الأرض وعلماؤنا علماء سنة وعقيدة صحيحة ومنهج قويم.
إن هذه الفعلة النكراء في شهر الله المحرم (ذي القعدة) وقد أقدم المسلمون على حج بيت الله العتيق وأقدم الطلاب والطالبات على الامتحانات من أكبر المعاصي وأقبح الأفعال فالمسلم في فسحة من أمره ما لم يصب دماً حراماً.
إن الإسلام انتصر بالدعوة، بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن والقدوة الصالحة والخلق الرزين لا بالعنف والتسلط قال تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(6)سورة الكافرون، وقال: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) سورة الممتحنة.
إن من أهم الآثار التي خلفها هذا الإرهاب إشغال المملكة السعودية بنفسها عن قضايا المسلمين وتوقف الجمعيات الخيرية وتبرعات المحسنين وإخافة الطلاب في وقت الامتحانات وترويع الحجاج والمعتمرين والآمنين وتشويه سمعة الإسلام والمسلمين وزرع بذور الإرهاب في بلاد الأمن والسلام وقتل وجرح رجال الأمن الساهرين على راحة وطمأنينة هذه البلاد وأهلها ولكن المرء قد لا يدرك المكاسب مما يكره، قال تعالى: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ(216)سورة البقرة. وقال: {فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) سورة النساء، فمن فوائد هذه الحوادث والمصائب انتصار منهج أهل السنة والجماعة الذي يدعو إلى الالتفاف على علمائنا وحكامنا ورجال أمننا قال تعالى: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (83) سورة النساء، ومعرفة المتدين الحق من المتشدد والمنحرف والإرهابي والتماسك بين القادة والشعب والمحبة بينهم وتجلي حرص الدولة على أمن هذه البلاد ونجاح خططهم الأمنية التي قوضت هذه الفئة الضالة وأبادتهم ونبذ أفكارهم التكفيرية واستئصال مخططاتهم ومن يؤجههم وأهمية متابعة أبنائنا وغرس المنهج السليم في قلوبهم والعقيدة الصحيحة التي قامت عليها حكومتنا الرشيدة منذ عهد الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب رحمهما الله تعالى ومعرفة الأعداء الحقيقيين لبلادنا وشعبنا وحكومتنا وعلمائنا الكبار والحذر منهم.
وقد ظهر جلياً ولله الحمد أن هذه الفئة الضالة تلفظ أنفاسها الأخيرة وأن تصرفهم الأخير يدل على ذلك فقد قتلوا أنفسهم وسقطوا في غضون ساعات قليلة دون أن يفقد من رجال الأمن الأشاوس أي واحد.. وهذا هو الضلال المبين، نسأل الله العافية، قال تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103 (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (103)، سورة الكهف، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - (كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركاً أو يقتل مؤمناً متعمداً)، وقال: (أول ما يقضى يوم القيامة في الدماء). ومن آوى أولئك أو تستر عليهم فهو داخل في لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: (لعن الله من آوى محدثاً).
إن هؤلاء الأشرار الحاقدين المجرمين يريدون بوطننا وأمننا العبث والفوضى وبأهلينا الخوف والشر ولا عذر اليوم لمن يبرر أعمالهم الخبيثة ولا لمن يبرر من يساعدهم من الخارجين خارج هذه المملكة فكلهم خوارج مجرمون مخربون خبيثون مارقون تاركون لدينهم مفارقون لجماعة المسلمين فعلى علماء المسلمين وخطباء الجوامع والمعلمين والمربين والدعاة ووسائل الإعلام العمل على توجيه الناس إلى الخير وتحذيرهم من الإرهاب والشر والأفكار المنحرفة وطرق الشيطان بالأساليب الشرعية حتى تقضي على الانحرافات والغلو في الدين والتطرف والهوى والفساد.
إننا وفي هذا الوقت خاصة بحاجة إلى تحسين صورة المسلمين لدى الغرب المتفوق علينا مادياً والذي يملك من القوة والسلاح ما لا نملكه وان مجابهتهم ونحن ضعفاء ضررها علينا أننا بحاجة إلى سلام وأمن واستقرار وتحسين علاقات مع من لم يحاربنا حتى ننشر إسلامنا بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن والحوار الشرعي وان التنازع بيننا سبب للفشل وذهاب الريح، قال تعالى: (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (46)سورة الأنفال، فليس من المصلحة اليوم مجابهة من هو أقوى منا وعمل ما يسبب الحروب والدمار قال الشاعر:


وما الحرب إلا ما علمتم وذقتموا
وما هو عنها بالحديث المرجم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة
وتضر إذا ضريتموها فتضرم
فتعرككم عرك الرحى بثقالها
فتلفح ثقالاً ثم تولد فتتأم

وقال آخر:


الحرب أول ما تكون فتية
تسعى بزينتها لكل جهولِ

إن الأمن نعمة عظيمة ومسؤولية كبيرة تقع على عاتق كل مسلم فلا عيش إلا به ولا طمأنينة إلا بوجوده فعلينا جميعاً حكاماً ومحكومين أن نتعاون مع رجاله في القضاء على من تسول له نفسه إثارة الفوضى وتفريق كلمة المسلمين وزعزعة عقائدهم وإبعادهم عن ولاة أمورهم وعلمائهم الكبار وإثارة الشغب في صفوفهم وتسليط الأعداء عليهم.
وإن هذه الشرذمة من حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام قليلي العلم والتجربة الغالين المتنطعين المتشددين ضيقي الأفق المبتعدين عن العلماء المستنبطين للأحكام الشرعية.. روعوا هذا المجتمع الآمن وتناسوا انه لا حق لأحد أن يحمل السلاح ويقوم بتنفيذ القصاص وإقامة الحدود الا ولي الأمر ففارقوا الجماعة وشقوا عصى الطاعة وشاقوا الله ورسوله، قال تعالى: )وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا(115) سورة النساء. وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)(59) سورة النساء.
وقال صلى الله عليه وسلم: (من فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ومن أهان السلطان أهانه الله).
وحيث إن هذه الظاهرة أمرها خطير وعاقبتها وخيمة فان من الواجب على العلماء ذوي الاستنباط والاجتهاد والعلم الغزير أن يدرسوا أسبابها ويضعوا النقاط في علاجها حتى لا تتكرر في المستقبل كما تكرر أمثالها في الماضي من جماعة جهيمان وغيره واعتقد أن انحراف بعض شباب هذا العصر عن المنهج السلفي القويم حسب مفهوم الصحابة والتابعين ووفود أفكار وآراء ومناهج مخالفة منحرفة من أعظم أسباب حدوثها وتكرارها.
لذا يجب التركيز على تعليم العقيدة الخالصة والمنهج السليم في كل وسائل التربية والتعليم والإعلام ولدى العلماء والخطباء والدعاة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved