Wednesday 2nd March,200511843العددالاربعاء 21 ,محرم 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "منوعـات"

وتاليتها...وتاليتها...
أ.د. هند بنت ماجد بن خثيلة

في الوقت الذي يعيش فيه العالم عصر الانفتاح والسرعة والوضوح، والتخطيط الدقيق، والتنفيذ المباشر، لايزال بيننا من يصر وبلا وعي ولا مبالاة على أن يجعلنا نعيش عصر الغموض وتغييب الذات، وتهميش القدرات.
هذا البعض لا يكمن خطره في شخصه بذاته، ولكن في منصبه الذي لابد وأن يؤثّر في مستقبلنا جميعاً.
حين تتجه المرأة السعودية إلى ميدان إثبات الذات، لتجعل من نفسها عنصراً فاعلاً ومؤثراً في الحياة العامة والسياسية، تمشياً مع متطلبات عصرها، ومواكبة لرغبة أولي الأمر في إحداث الإصلاحات الضرورية لعصرنة الدولة بمختلف مؤسساتها وأفرادها وفي مقدمتهم المرأة السعودية، بعد هذا كله، تجد من يخرج علينا ببساطة منتهية،وسذاجة بائنة ليقول إن المرأة السعودية تعيش في مجتمع غير متهيئ لأن تأخذ مكانها في الحياة السياسية، ثم يتوقف عند حدود هذا التصريح المقتضب، دون أن يتكرم علينا ويطلعنا على الحيثيات التي توصل بها إلى هذا الاستنتاج الخطير!!
حين يريد أحدٌ أن يتدخل في مفردات العمل السياسي والاجتماعي، وفي أدوار أبناء المجتمع في فصول هذا الشأن، لابد أن ينطلق ليس من قناعاته الذاتية، ولكن من دراسات وإحصائيات وأرقام ودلائل تدعم توجهه أو على الأقل تفتح له باباً للدفاع عن وجهة نظرة. أما أن يلقي الكلام جزافاً، ويعتبر نصف المجتمع رهينة لبضع كلمات منظومة يهضم بها حقوقاً شرّعها الله عز وجل، ويطوي بها صفحة هي نصف المجتمع كله، فهذا ما لا يقبله عقل، ولا يرضى به شرع ولا يستسيغه منطق ويزداد الأسف حين يصدر مثل هذا الرأي غير الموضوعي عمن يفترض فيه أن يمثل المجتمع ويتحدث بلسانه، وينتظر منه هذا المجتمع الإنصاف في الرأي والعمل المخلص لإحقاق الحقوق.
المرأة السعودية أسمى من أن يعبّر عن دورها بجملة واحدة، وأكبر من أن يهمش دورها بتصريحٍ ارتجالي لا يقوم على دليلٍ، ولا يدعمه واقع، ولا تسنده حجة. ففي الوقت الذي تعلن فيه أعلى سلطة سياسية في المملكة العربية السعودية عن ثقتها بالمرأة السعودية وما حققته من إنجازات على مختلف المستويات، وأن هذه المرأة تتجه بقوة وبخطى ثابتة ورزينة لأخذ حقها وممارسة دورها في الحياة السياسية، وهو ما تصدر العناوين الرئيسية للصحافة المحلية والعالمية وجاء على لسان وزير الخارجية السعودي الذي أكد عدم استبعاد منح المرأة حق التصويت في الانتخابات البلدية القادمة، وأكّد دخولها السلك الدبلوماسي قريباً.. في هذا الوقت لايزال من يناقض التوجّه الإصلاحي الحكيم، ويصر على تسطيح توجه المجتمع إلى الإصلاح الإداري والسياسي، ويغمط حق المرأة في تمثيل نفسها، ولكن حين تحين فرصة المرأة للمشاركة، يتناقض مع ذاته ويتلقف الفرصة ويهديها إلى زوجته أو أخته أو ابنته، حتى وان كن غير مؤهلات لذلك اللهم إلا في النسب أو القربى.
عجيب أمر هؤلاء، ولكن الذي أعجب منه أكثر هو السكوت على هذا التوجه المستور والذي يخفي ما يخفي في سعي دؤوب، وتوجّه مخلص إلى مراكز السلطة والتسليط، ظانين أن أحداً لا يعرف خفايا أنفسهم، وما يضمرون إلا حباً في الوصول إلى (الكرسي).. ولكنهم لايعلمون أن الكراسي لاتطاوع إلا من هم أهل لها، ومن هم أولى وأحق بها، لأنهم يثبتون جيلاً بعد جيلٍ أنهم قادة يتوارثون السلطة معجونة بالعدل والحق والإنصاف، والقدرة على القيادة الواعية الحكيمة، ويبقى همهم الوحيد حماية الوطن ورعاية المواطن، والذود بالعزم والعقل والوعي والثقة عن كل ما ورثوا وما صنعوا لوطنهم وأهلهم لعل هذا يكون سبباً في أن يراجع البعض مواقفه المغالية، وأن يصحح علاقته مع المجتمع، ويصوّب آراءه في أهله ووطنه.. وتاليتها؟!!

فاكس 2051900

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved