علق صديقي على إعلان إحدى الشركات الوطنية الكبيرة الذي غطى صفحتين متقابلتين في صحف المملكة عن شواغر لتوظيف النساء فقط في الشركة.. وقال ألا ترى ان توظيف النساء صار في فهمنا غاية لا وسيلة؟ ثم أضاف بلهجة وعظية وصوت خطابي: ألم تكن الدعوة لتفعيل دور النساء تنشيطاً للنصف الخامل في المجتمع؟ وان توظيف المرأة احدى وسائل هذا التحريك؟ فلماذا تحولت الوسيلة الى غاية؟ وفي صباح يوم 20 فبراير 2005م شهد منتدى جدة الاقتصادي جلسة صاخبة كما وصفتها صحيفة الرياض مع وزير العمل الدكتور غازي القصيبي.. وحين سئل عن عمل المرأة أجاب: (إن الأمر يحتاج إلى بنية تحتية جديدة حتى يمكن للمرأة أن تعمل دون اختلاط وهذا سوف يستغرق وقتاً طويلاً جداً حتى يتم بناء البنية التحتية وإقامة مصانع نسائية).هذا التصريح الصادر من الرجل الخبير القائم بمسؤولية العمل في البلاد يؤكد ان أمام المرأة رحلة طويلة حتى يتاح لها العمل.. وهذا التصريح ليس رأياً أو وجهة نظر.. إنه حكم صدر من أعلى رأس في وزارة العمل.. أي أننا أمام أمر هو في واقع الحال حقيقة.. وان ليل النساء طويل. ولا أدري هل الدكتور غازي بذلك قد أصدر على النساء حكم الانتظار المؤبد.. أم هو ينوي فعل شيء يطلق سراح المرأة للعمل؟ هل فعلاً ستنتظر المرأة حتى تبني الدولة بنية تحتية أخرى لكي تعمل؟ أم أن هناك حلولاً أخرى؟ في كل الأحوال اني متفائل فالدكتور غازي ارتبط دائماً في أذهاننا بالنجاح والإنجاز والحضور والتأثير.. لذلك كلنا نحترمه وأغلبنا نحبه. حملات حصر الباحثين عن العمل أثبتت ان العاطلين لا يزيدون عن المائة والستين ألفاً.. بينما كنا نظنهم بالملايين.. لذلك هدأت نفوسنا كثيراً.. ولا أظن أن الوزير وبقية المسؤولين في الوزارة سيعجزون عن ايجاد حل سريع وغير مؤلم لتوظيف هؤلاء. عوداً الى تصريح معالي الوزير.. إني لا أعلم متى وصل الدكتور غازي الى هذا الحكم المبني - كما يظهر - على قناعة.. لكني وصلت الى ذلك قبل خمسة أعوام.. فقد حاولت افتتاح قسم نسائي.. علماً بأن نشاطنا في النشر وهذا يتيح من خلال شبكة الحاسب فصلاً كاملاً بين العاملات في القسم وبين باقي العاملين في الشركة.. لكن هيئة الأمر بالمعروف اعترضت على درج مبنى المكاتب.. واشترطت وجود درج مستقل خاص بهن. وحيث كان تشغيل المرأة حينها وسيلة.. فقد أرحت نفسي من عناء واجب دعم عمل المرأة، وعلقت هذا الواجب على مشجب الهيئة.. لكن وبعد أحداث العامين الماضيين وما احدثته في الوجدان الاجتماعي المحلي، صار تشغيل المرأة في رأيي غاية.. وتحول الى فرض عين ولم يعد فرض كفاية.. لذلك انهيت بناء الدرج المستقل وبناء بنية تحتية متكاملة لهذا القسم الجديد.. الذي أعلم علم اليقين انه لسنواته الأولى سيكون مركز تكلفة لا مركز ربح.. وان القسم الوليد حُمّل في مطلع عمله تكاليف ارجو ألا تعيقه. كثيرون يرون أن بناء بنية تحتية ومصانع نسائية سير في الاتجاه الخاطئ للحل.. لظروف اعتبارية قبل أن تكون اقتصادية.. وكثيرون يأسفون ان يستجيب الرأي الرسمي لرأي اجتماعي خاطئ.. أثبتت خطأه مدينة الملك عبدالعزيز الطبية.. التي حققت إنجازات عالمية دون الحاجة الى بنية تحتية أخرى للنساء. إنني لا أريد أن أزايد.. إنني أشتكي!
fax 4792350 |