كان الله في عون من سيتعامل مع جيل قادم.. عاش وتربّى ما بين الخادمات والفضائيات والإنترنت.. وكان بينه وبين الجيل الذي قبله (فقط) مسافة طويلة من الفوارق. ** الفضائيات اليوم.. سادت الساحة.. وملأت الفضاءات .. وشغلت الأوقات.. واستحوذت على اهتمامات الناس. ** محطات للرقص.. ومحطات للتغنج.. ومحطات للتفسخ.. ومحطات لما هو أبعد وأخطر من ذلك. ** محطات تملأ كل فضاء.. وفي كل يوم.. تولد عشرات المحطات. ** لقد كانت الدول العربية كمثال.. وإلى ما قبل عشر سنوات (تفحّط) من أجل أن تملك قناة تلفازية واحدة.. وتعجز عن تشغيلها لسبع ساعات في اليوم والليلة.. بل إن أكثر برامجها.. مستوردة.. ومشتراة من هنا وهناك.. وليس فيها أي جهد محلي.. ومع ذلك.. هي صعبة. ** اليوم.. بعض الدول العربية.. تملك أكثر من ثلاثين محطة مختلفة ومنوعة بأشكال وأصناف.. بل إن بعض الدول العربية تملك أقماراً صناعية متكاملة.. مملوءة بالمحطات.. أما الدول الأخرى.. فحدّث ولا حرج. ** ثم إن تقنية الحصول على هذه الخدمة.. أخذت هي الأخرى في التبسط والسهولة.. وصار البث الفضائي.. يُستقبل بكل سهولة. ** بالأمس.. كان الصحن اللاقط باستدارة خمسة أمتار. ** واليوم.. لاقط صغير يوضع في النافذة.. وقد يُستغنى عنه بتقنية أعلى. ** بالأمس.. يكلف نظام الاستقبال الكامل أكثر من (150) ألف ريال. ** واليوم.. بحسبة (500) ريال أو أقل.. تستطيع أن تستقبل أكبر من ألف محطة. ** بالأمس.. تحتاج إلى أكثر من لاقط.. أو لاقط متحرك.. وتعقيدات كثيرة.. لتنتقل من قمر إلى آخر. ** واليوم.. لاقط صغير واحد.. ينقلك من قمر إلى آخر.. بتقنية عالية وبصناعة أكثر. ** اليوم.. هناك شركات بث.. بوسعها أن تقدم تقنيات وخدمات أكثر.. وبوسعك مشاهدة أي برنامج أو مسلسل أو فيلم أو أي مادة تلفازية في التوقيت الذي تريد. ** هم يدلّلونك.. ويتسابقون لاستقطابك.. المهم.. أن تتابع وتشاهد هذه المحطة أو تلك. ** وهكذا خدمات الإنترنت هي الأخرى تستحوذ على اهتمامات الناس.. وصارت هذه الخدمة العظيمة.. تستحوذ على ملايين المعلومات من كل شكل وجنس ولون ولغة. ** بوسعك أن تؤلف بحثاً أو كتاباً أو تعد دراسة خلال أسبوع.. بينما كانت تحتاج منك في وقت مضى.. إلى سنوات. ** اليوم.. المعلومات كل المعلومات.. والمراجع والمصادر والكتب والدراسات والبحوث والندوات والمؤتمرات وكل ما فيها.. محفوظ وموجود.. وبضغطة زر أو أكثر.. تستطيع أن تضعها أمامك وتتلاعب فيها كيفما شئت. ** أرشيف المعلومات التقليدي والمكتبات التقليدية.. لم يعد لها ذلك الاهتمام.. ولم تعد تستهوي الباحثين كما السابق. ** اليوم.. لم يعد التأليف والكتابة والأبحاث معضلة تستغرق وقتك. ** بوسعك أن تعدّ محاضرة في أي فن خلال ساعات.. وبوسعك أن تعدّ بحثاً متخصصاً خلال أيام بسيطة. ** وبوسعك أن تصل إلى أي معلومة تريدها خلال دقائق. ** كل شيء سهل.. وكل شيء متيسر.. والضحية بدون شك.. هو مَن يتعامل مع هذه المعطيات من دون وعي. ** الضحية.. هو جيل الشباب اليوم.. وجيل الغد.. الذين سيجدون أنفسهم تربّوا في أحضان محطات التلفاز والإنترنت.. وما عجزت عنه تلك الوسيلتان.. تكمله الخادمات. ** يبدو لي.. أن البيت والمدرسة والمجتمع.. سيواجهون خلال السنوات القادمة مشكلات كبيرة ومتزايدة.. كما سيواجهون أنماطاً مختلفة ومتباينة من السلوكيات.. وعليهم أن يتعاملوا معها مرغمين.
|