Wednesday 2nd March,200511843العددالاربعاء 21 ,محرم 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

لما هو آتلما هو آت
تصدير الصداع!!
د.خيريّة السقّاف

صداع.. والحاجة إلى تسكين، من لي بحبَّة مُهدِّئْ يلمّ هذا الصداع، ويأخذه إلى بعيد، ينثره، يتلاشى في الذّرات؟، لكن، كيف لي أن أصدِّر صداعي للهواء، حتى إذا ما استنشقه الآخرون أصيبوا به؟... بينما أكون قد استوردته من آخرين؟
هه...
وضحكت صاحبتي، قالت: جنونٌ تصابين به صديقتي في كثير...
جنونٌ، ويصكّ الصُّداع رأسي...
أوَّل أمس، كنتُ على استحياء وأنا أقدّم بين يدي مسؤولياتي كلمات اعتذار، سيدي الرئيس، لا أقوى على المثول بين يديْ اجتماعكم، لم يفضّوا الموعد، وعندما لم يكتمل النّصاب، طووا الأوراق وغادروا...، قيل لي لقد صدّرتِ لنا الصُّداع من مسافات!!، وعبدالإله في مكتب رئيس التحرير، عمَّني بالدُّعاء، لا تثريب، لدينا كميّة متواترة من الأخبار، هناك ما يأتي في أهمية لوضعه في مكان الزّاوية، الإعلان وحده يصيبني بصداع حين أفتح الصفحة فلا أجدكِ، أكملت صديقتي، وحبّة المهدّئ لم تفعل شيئاً، غريبٌ هذا الصُّداع الذي لم أعهده إلاَّ حين ابتلعت النيران مدناً كاملة في العراق، في فلسطين، واستحالت (الذكرى) إلى أشباح...
تنتصب رائحة حنين عجيبة في جوف ذاكرتي لأسماء تداعب الشّجن في الصَّدر سامراء - الفلوجة -... ويسقط الرّشيد...، جنونٌ، قالت صديقتي والصُّداع لا يزال، وكمَّامة خضراء كما ورقة السندبان تمدّها إليّ؟؟
أغلقي أنفكِ، ليس يأتيك الصّداع إلاَّ عبر خيشومين يستقطبان رائحة الحزن، الألم، ودماء الجروح، وتلمّست بإصبعها عنواناً كبيراً كانت صحيفة كبرى قد صدّرت به صفحتها الأولى: المياه تبتلع حافلة مدرسية، السائق يوليّ هارباً، الأصوات تمتزج بالمياه!!
يا صديقتي أحتاج كمّامة أخرى لأذنيّ، وأخرى لعيني...، يا أنتِ تسمّين الأشياء بغير أسمائها؟... ثمرات الصُّداع...، وكلُّ شيء قد عمّه الصُّداع، حتى ذلك الصّرصور الذي لاحقته عربة فارهة نزل منها رجل مدجّج بالمبيد، فلم يجده، راوغ الصَّرصور الرجل واندس في دولاب العربة، حيث مضت في طريقها على أمل في صدر الرجل أن يُسحق الصّرصور في جوف الدولاب...، وعندما عاد إلى شارعه أخبره رجل النّظافة بأنَّ الصّرصور قد عاد لثقب المجرى...
صداعٌ، وصديقتي تمدّ يدها لي بكأس ماء وحبة دواء
وصفحة بيضاء تبسط أمامي، وقلمي يدعوني...
هززت رأسي، كانت صفحتي قد استوردت عنّي الصُّداع...

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved