الحملة ضد التدخين أصبحت عالمية، ولم تعد الدول والمنظمات الوطنية تحارب التدخين بسبب مضاره الصحية فحسب، بل أصبح التدخين يشكل ظاهرة غير حضارية، وأصبحت محاربته مظهراً من مظاهر التحضر والتمدن. فإذا كان الإنسان صانع الحضارة فلا عجب أن يكون الوعي الصحي مظهراً من مظاهر حضارته؛ لذلك نرى هذا الوعي بمضارّ التدخين يظهر في كثير من بلدان العالم على شكل تقليص مقاعد المدخنين في الأماكن العامة والطائرات ومختلف وسائل النقل، وكلما ازدادت الأماكن المخصصة للمدخنين تقلصاً يتمّ النظر إلى هذا المجتمع باعتباره أكثر تحضراً. **** ظاهرة صحية وهذه ظاهرة صحية بدأت تنتشر في بلادنا، وعلى طريق تنمية هذا الوعي، وتوطين الفكرة ليتبناها الرأي العام.. دعت الجزيرة لندوة عن أهمية تضافر الجهود لمكافحة التدخين في مجتمعنا، واستضافت أعضاء جمعية مكافحة التدخين السعودية. وشارك في الندوة من جهة (الجزيرة) نواب رئيس التحرير ومدير التحرير للشؤون المحلية، وحرص الجميع على اتخاذ الشفافية والصراحة منهجاً في الحديث، والوقوف أمام الحقائق بشجاعة تحقق الإصلاح المنشود. وبناء على ذلك أوضح أعضاء الجمعية أن جهود مكافحة التدخين والتوعية بمضاره في بلادنا يجب ألا تتوقف على الجهود الرسمية أو جهود الجمعية بل يجب أن تشارك كل قطاعات المجتمع ومؤسساته فيها. وحذروا من تنامي ظاهرة التدخين لضعف الحملة لمواجهتها. الشيخ سليمان عبد الرحمن الصبي رئيس الجمعية الحالي قال: إن الجمعية وحدها بجهودها المتواضعة لا تستطيع مقاومة هذا الخطر؛ فالجمعية التي أنشئت سنة 1406هـ عندما كان معالي د. غازي القصيبي وزيراً للصحة، وحاول الدكتور عبد الله البداح عندما كان رئيساً تجاوز الصعوبات المالية، ولا نزال نجاهد في هذا الاتجاه للارتفاع بمستوى الجمعية مادياً وتوعوياً. وضرب الشيخ الصبي المثل باستهلاك المملكة من التبغ الذي تضاعف 135 ألف مرة عما كان عليه سنة 1381هـ حيث بلغت قيمة التبغ المستورد حالياً ملياراً وخمسمائة مليون ريال سنوياً. وأشار إلى المشكلة والمصيبة القادمة في المملكة وهي أماكن تقديم المعسل مؤكداً أنه لا يوجد في المملكة إحصائية دقيقة عن نسبة المدخنين وإنما هناك دراسات اجتهادية تبين أن نسبة التدخين ما بين 27% إلى 30%. رئيس الجمعية يحذر وحذر رئيس الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين من خطر شركات الدعاية التي تنفق الملايين من الريالات سنويا في ترويج التبغ والسجائر. وأهاب بأن على وسائل الإعلام المحلية المشاركة بفعالية أكثر في مكافحة التدخين في مجتمعنا. وقال: إن المشكلة الآن أكبر من أن تقوم الجمعية وحدها وبدخلها المحدود في مواجهتها، وأعترف بأن الجمعية لذلك السبب لم تنجح إلى الآن - كما تتمنى وتخطط له - في تحقيق أهدافها. وفي إجابة عن سؤال عن موارد الجمعية المالية قال: إن الجمعية تعتمد على إعانة بسيطة تقدمها وزارة الشؤون الاجتماعية، وهذه الإعانة لا تكاد تسد الرمق.. إن الحملات الإعلامية التوعوية تحتاج إلى إنفاق كبير وبذل كبير والخطر يزداد ويتفاقم. وفي رد على سؤال عن مقر الجمعية وفروعها، قال: إن موقعها في الرياض يقع على طريق الملك فهد أمام سوق عتيقة، وهذا الموقع تبرع به الشيخ عبد الله صالح العثيم صاحب مجموعة العثيم نسأل الله أن يضاعف له الأجر. وللجمعية فرع يفتح الآن في المنطقة الشرقية وصدرت الموافقة عليه في شهر رمضان المبارك الماضي من صاحب السمو الملكي أمير المنطقة الشرقية، وهو الآن في طور التجهيز، وسيبدأ العمل به خلال شهرين بإذن الله. ويضيف الصبي: إن جميع مناطق المملكة لا تزال في حاجة إلى فروع، وكلما ابتعدنا عن المناطق الحضرية تفاقمت المشكلة وخاصة في المناطق الشمالية والجنوبية من المملكة، فارتباط التدخين بالجهل والفقر ارتباط قوي ولا شك في أن مكافحة التدخين يجب أن تكون متزامنة مع العمليتين التنموية والتوعوية، لهذا نقول لابد للجمعية أن تواكب تطور حركة التنمية والتعليم في البلاد، وهذا لن يتم إلا بإمكانات مادية. وعن نفقات الجمعية الشهرية قال: إن نفقات الجمعية تصل إلى 70 ألف ريال على أقل تقدير وهذا لا يشمل نفقات الدعاية والإعلان التي لا تقدر على دفع تكاليفها. وعن إنجازات الجمعية والهم الذي يشغلها الآن قال رئيس الجمعية: معالجة المدخنين تقع في قمة أولوياتنا، وقد احتفلنا في شعبان الماضي بتخريج عشرة آلاف مقلع عن التدخين من عيادة الرياض - بفضل الله تعالى -، ولو كثرت الفروع بالمملكة وغطت كل المناطق أو معظمها على الأقل. وهدفنا الآن الوصول إلى شريحة الصغار والشباب من المدخنين في المدارس المتوسطة والثانوية لإنقاذهم قبل الوصول إلى مرحلة الإدمان. وبسؤاله عن النساء المدخنات قال: إن هناك توجهاً خطراً لدى النساء في استخدام (المعسل)، ووصف هذه الظاهرة بأنها مصيبة بدأت تستشري في الوسط النسائي، وطالب بحملة إعلامية توعوية تتكاتف فيها جهود وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الثقافة والإعلام لأنها مشكلة صحية اجتماعية ثقافية. خطة (الرياض بلا تدخين) الواقع أن طموحنا كبير.. ولدينا خطة حالياً مع الإدارة العامة للسجون حيث يتم داخل الإصلاحيات فتح عيادات لمكافحة التدخين لأنه في الغالب أن 90% من مرتادي السجون هم أشخاص يدخنون، وهذا عمل جيد وسيكون له نتائج مثمرة. لدينا خطة طموحة في العام الجديد 1426هـ ولا نريد أن نستبق الأحداث وسوف يكون هناك راعٍ كبير من كبار التجار لتنفيذ مشروع (الرياض.. بلا تدخين) وهو مشروع حيوي وكبير وسوف ينفذ خلال عشر سنوات قادمة بإذن الله، وهي الخطة التي نعمل عليها حالياً ونحن نأمل أن نصل إلى معدلات في خفض نسبة التدخين في المناطق العامة ومحاولة تقليل التدخين خاصة بين الناشئة، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى كم هائل من المال، ونسأل الله أن ييسر لنا ذلك. هناك فجوة بين الجمعية والإعلام ويقول الشيخ الصبي: إن المشكلة التي تعاني منها الجمعية هي أن هناك فجوة وعدم تواصل بين الجمعية ووسائل الإعلام، وقد يكون السبب من الطرفين فأخبار الجمعية غير مشوقة للناس، والصحفيون أحياناً لا يأتون لنا.. يريدون أخباراً بالفاكس وهذه مشكلة، نحن نريد الصحفي والإعلامي الذي يشعر بالمسؤولية ويتحرك بدافع من ضمير وطني وإنساني لأن هذا هو أساس عملنا، وبدون هذا الضمير لن يكون هناك جسور تواصل بيننا وبين الإعلام. عيادات لمكافحة التدخين بين النساء الواقع أن هذا من ضمن اهتمامات الجمعية فقد قامت الجمعية مؤخراً بافتتاح قسم متخصص بمركز العثيم لمكافحة التدخين حيث يعتبر القسم الأول من نوعه.. ولكن لدينا معاناة خلال الأشهر الستة الماضية، وذلك لعدم إقبال المدخنات على العلاج، والأسباب كثيرة منها الجانب الاجتماعي الذي يشكل عائقاً كبيراً أمام خضوع المدخنات للعلاج وإن كنا لا نشترط تسجيل الاسم أو الهاتف أو العنوان وإنما نكتفي بالعلاج فقط. وعندنا خطة مع وزارة التربية والتعليم وسوف نطبقها في مدينة الرياض هذه الخطة تتيح لنا الدخول إلى 35 مدرسة ثانوية ومتوسطة، وهذا من باب التوعية لنتعرف على الأسباب المؤدية إلى التدخين بحيث يكون هناك عدد من المحاضرين ومن المصلحين الاجتماعيين لإلقاء محاضرة أسبوعياً داخل المدرسة تركز على أضرار التدخين. وبسؤاله عن جهود الجمعية في الوقاية من التدخين والسبيل إلى التعامل مع المراهقين لحمايتهم، يرد رئيس الجمعية بألم ويقول: إن مربط الفرس في هذا كله يعود إلى قضية التمويل.. الدعوة للوقاية من التدخين بين المراهقين والشباب من الجنسين أمر يحتاج إلى حملة توعية كبيرة.. كبيرة جدا على مستوى المملكة تشترك فيها كل وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، وقال إن ذلك يكلف، وضرب مثالا فقال إن محطة mbc تطلب 18 دولارا في الثانية الواحدة، وقناة المجد ترحب وتتعاون ولكنها أيضا تشترط مبالغ معينة نحن لا نقدر عليها. وخطتنا (الرياض بلا تدخين) أن يكون 70% من الميزانية للإنفاق على البرامج التوعوية إن شاء الله. واستدرك فقال: إن للجمعية جهودا داخل المدارس خاصة الابتدائية للبنين والبنات، ولنا 100 معرض سنوي في هذه المدارس، وحاليا تتعاون معنا (شركة نادك) في عمل معارض للفصل الدراسي الثاني في حوالي 50 مدرسة، يتم فيها شرح الأضرار الناجمة عن التدخين. الاستيراد خطر يتفاقم وتحدث الدكتور عبد الله محمد البداح رئيس الجمعية سابقا وعضوها حاليا معقبا ومضيفا، فقال إنه لا يوجد تأكيد بنسبة معينة صحيحة عن عدد المدخنين في المملكة. منذ 1381 وحتى الآن جلست أجمع الإحصائيات حول ما تستورده المملكة من التبغ حسب أرقام مصلحة الإحصاءات العامة ومصلحة الجمارك وهذه الإحصائيات جمعت ما تم استيراده طوال هذه السنوات وأعطانا مؤشرا عن مقدار ما استورد.. والحمد لله بلادنا لا تزرع فهي نموذج فيه كثير من التفرد على مستوى العالم.. والمملكة عندها تميز وهو أن كل هذا المستورد يعاد جزء كبير منه للتصدير.. هناك دول تستورد كميات وتعيد تصديرها والاستيراد يعطينا مؤشراً عن الاستهلاك في المملكة. وإذا أردنا أن نحدد دراسة دقيقة على مستوى المدارس أو المنازل أو تجمعات سكانية أو مستشفيات فإن النسبة التي تقال بأن 27% من سكان المملكة مدخنون ليست دقيقة لأن هناك جوانب اجتماعية تمنع الناس من قول الحقيقة.. والنسب في المملكة ومن خلال عدة دراسات متذبذبة، فهناك دراسة تقول 50% ، ودراسة تقول حوالي 40% ودراسة تقول 27% والمجتمع بطبيعته ومثلما قلت سابقا ما زال يتحفظ. هناك دراسة تقول إن هناك 11% وهي عن صحة الأسرة في الخليج.. ولكن إذا أردنا مصداقية فإن الأم أو المرأة هي التي تقول الحقيقة عن زوجها أو ابنها أو ولدها، ولكن الذي يلاحظ أن نسبة الاستيراد كبيرة جدا قد يكون هناك عامل آخر في أن نسبة الاستهلاك عندنا عالية ويرجع ذلك إلى أن عندنا حوالي 7 ملايين وافد يعيشون بيننا ولهم دور كبير في شرب الدخان.. والمملكة تعتبر من الدول العالية النسبة في استهلاك الفرد للسجائر فمثلا معدل استهلاك الفرد للسجائر حوالي 3000 سيجارة في السنة.. وهناك دراسة تجرى حاليا بين الجمعية وجهات أخرى للتعرف على النسبة التقريبية، ولكن المؤشرات تقول إن نسبة تدخين المرأة وخاصة صغيرات السن في صعود ولكنهن لا يعترفن بأنهن مدخنات، وهذا يجعل النسبة دائماً غير حقيقية. ويضيف الدكتور البداح: نأتي على الأمراض المترتبة على التبغ ونضرب لذلك مثلاً، ففي عام 1964م أجرى الدكتور زهير السباعي دراسة فكان سرطان الرئة السرطان رقم 7 في المملكة، قبل أربع سنوات أفاد السجل الوطني للأورام بأن سرطان الرئة عند الرجال البالغين في المرتبة الرابعة، وفي سنة 1424هـ تقدم إلى المرتبة الثالثة ومرشح أن يكون الأول عند الرجال والنساء معاً. والمملكة معرضة في العقدين القادمين لأمراض كارثية بسبب الرياح المختلفة التي تهب علينا من الخارج في عالم أصبح قرية واحدة. منع التدخين قرار لم ينفذ وبسؤال عن قرار حظر التدخين المعمول به في عدة بلدان منها الولايات المتحدة الأمريكية، وسبل تفعيل هذا الحظر في المملكة، يجيب الدكتور البداح أن مدينة نيويورك كانت مكتظة بالمدخنين جاءها عمدة جديد بعد حوادث 11 سبتمبر مهتم بالصحة العامة وضع حملته الانتخابية بعدم التدخين في نيويورك في المطاعم وفي الأماكن العامة ونجح الآن فقد رفع السعر من 15ريالا قيمة علبة السجائر إلى 28 ريالا للعلبة، نعم نجح في منع التدخين في مدينة نيويورك وبدأ بتوسع من المدينة إلى ولاية نيويورك كلها رويدا رويدا. فالجهة التنفيذية هي المهمة في الموضوع حين تنفذ السياسة بشكل جاد وصارم فهنا يوجد توجيه سامٍ كريم إلا أنه لم يفعّل كما ينبغي من وزارة الخدمة المدنية بإيجاد آلية تنفيذية له، غير أن هناك بعض الجهات نجحت في تفعيل هذا القرار مثل تعليم البنات سابقا ووزارة العدل قبل سنوات، طلبت الجمعية من البلدية بمنع التدخين في الأماكن العامة مثل المطاعم ومحلات الحلاقين والحمامات العامة والمراكز التجارية إلا أن الأمر يبدو أنه ليس من أولويات البلدية مع الأسف، تقدم أكثر من سبعمائة مرشح للبلدية ولم يضع أحد منهم مكافحة التدخين من ضمن حملته الانتخابية أو أولوياته. نريد وطنية للإعلام وتسلم دفة الحديث الدكتور عبد الرحمن المحرج عضو الجمعية وقال لن تستطيع الجمعية أن تنجح في حملتها لمكافحة التدخين إلا بتعاون المجتمع ووسائل الإعلام مع هذه الحملة وإلا سيضيع هذا الجهد في سراب. نريد أن تتكاتف الجهود، نريد منع الإعلام الدعائي الذي يلعب دورا في ترويج السجائر، إعلانات شركات التبغ تعمل على إيقاع الشباب في شبكة التدخين.. نريد تفعيل الأمر السامي من قبل رؤساء المصالح الحكومية. إنها صحافة وطنية. الوطنية هي تقديم مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار كما أضيف أن هناك تجاوزات أخرى تحدث في المطبوعات السعودية التي تطبع في الخارج، هناك مكاتب لشركات التبغ في دبي أو في قبرص تتحايل على الأنظمة السعودية بالاتفاق مع وسطاء مكاتب الدعاية والإعلان. ويحدث أحيانا أن الصحيفة تنشر إعلانا عن التبغ ثم يتضح لها عدم جواز ذلك فتعود تعتذر للمجتمع والقراء عن عملها الأول. علق الدكتور عبد الإله الحيزان قائلا: صدر نظام من مجلس الوزراء بحظر التدخين وكان يتوقع أن تصدر لائحة تنفيذية من وزارة الصحة ولكن لم تصدر حتى الآن. أتوقع أن الحظر بدون غرامة الجزاء على الموظف الذي يدخن، والحظر بدون آلية تنفيذية لا يجدي. والجمعية بالتعاون مع مجلس الشورى حددت الأماكن العامة ومقدار الغرامة على المخالفين. المعسل منتشر عندنا ثم أثير سؤال عن انتشار محلات بيع المعسل في الأحياء العامة والشوارع. وإمكانية إبعاد تلك المحلات عن أنظار الناس، فأجاب الدكتور البداح قائلا: لقد طلبنا إبعادها مع المقاهي إلى خارج المدينة ولكن لم نجد استجابة أو تعاونا من الجهات ذات العلاقة للأسف. وفي إجابة عن سؤال عن الصلاحيات المعطاة الجمعية في فرض غرامات على المخالفين أو ما يشبه ذلك، قال الدكتور المحرج المؤسف أن انتشار محلات بيع المعسل تم بتصريحات من البلدية. واكتشفنا أن المعسل موجود حتى في المشاغل النسائية، ومساكن الطلاب بنسبة 80%، وبالمثل الشيشة منتشرة بين فئات كثيرة من المجتمع وموجودة حتى على أسطح المنازل. والذي آلمنا أكثر وشق علينا قبول بعض الصحف ولأسباب مادية - الإعلان عن محلات المعسل. إننا نتمنى أن تكون هناك قرارات رادعة لمثل ذلك، من خلال وزارة الإعلام؛ لإلزام الجهة المعلنة بعدم قبول مثل تلك الإعلانات والاعتذار للمجتمع. إن الصحافة رسالة اجتماعية وأخلاقية نوقش بعد ذلك موضوع السجائر إن كانت إدمانا أو عادة، ونوعية السجائر المستوردة إلى المملكة وضوابط ذلك، وطرحت أسئلة بهذا الخصوص أجاب عنها الدكتور البداح فقال: إن المملكة توجد فيها هيئة المواصفات والمقاييس، وإلى حدّ كبير المملكة ملتزمة بجودة المواد الغذائية، وقد حرصت بالتعاون مع دول الخليج على وضع مواصفات ومقاييس جيدة ابتداء من تاريخ الإنتاج والانتهاء ونسبة النيكوتين ومستوى القطران، فالذي يأتي عن طريق الجمارك السعودية تكون متوافقة مع مقاييس الجودة أما الأنواع التي تأتي مستوردة مهربة عبر البوابات المختلفة فيأتي التبغ من الهند وتايلاند وجمهورية مصر العربية فمعظمها لا تراعي أنظمة هيئة المواصفات والمقاييس الموضوعة لها. وعن السجائر بين العادة والإدمان قال: السجائر بأنواعها المتعددة تسبب الإدمان، فالتبغ مادة إدمانية بلا شك فالتبغ والتدخين لا يعتبران عادة. بل التدخين يعتبر سلوكا فالعلاج الناجح هو إعطاء النيكوتين للمدخن فترة حتى يقلع عن التدخين بتاتا. نحتاج إلى دور الإعلام وعادت دفة النقاش للحديث عن مشكلة التبغ والإعلان وخطر ذلك على دول منطقة الخليج، وضرب مثلا بدولة الكويت حيث كانت مجلة العربي آنذاك تنشر إعلانها الشهير عن التبغ. (دخن سالم وأنت سالم) على صفحتها الأخيرة. وعلق الدكتور البداح بأن الإعلان يلعب دورا خطيرا في تفاقم مشكلة التدخين. ودولة الكويت من أكبر الدول الخليجية في استهلاك التبغ باعتبارها دولة صغيرة فهي تنفق ثلاثة ملايين دولار سنويا على الدعاية والإعلان عنه وهذا مبلغ كبير قياسا بعدد السكان. وفي المملكة تصرف إحدى الشركات (10) ملايين على الدعاية والإعلان. فالإعلام يلعب دورا مهما في إيقاع الصغار وفي تعليمهم التدخين ولا سيما إذا كانت الدعاية مرتبطة بفريق المغامرات، أو بتغيير نوع السجائر، المهم أنها تلعب دورا في إفساد الشباب وإغوائهم والدفع بهم إلى الهلاك البطيء. ويمكنكم الدخول إلى موقع الجمعية في الإنترنت (صوت الحقيقة) فهناك قضية في ولاية مينوسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية طلب فيها القاضي من الشركات 40 مليون وثيقة (يسمح هناك بأن تطلب من خصمك جميع الوثائق المتعلقة بالقضية) من الستينات حتى الآن.. وحكم القاضي بغرامة 250 مليار دولار. علاقة التدخين بالمخدرات وتحدث الدكتور عبد الإله الحيزان عضو الجمعية والأمين العام المساعد لجمعية البر بحكم تجربته في جمعية البر عن العلاقة بين الفقر والإدمان فقال: كان اهتمامي بقضية الفقر في مدينة الرياض بالذات، ففي زيارة لإصلاحيات الحائر وجدت حوالي 3000 ثلاثة آلاف نزيل في السجون من مدمني المخدرات عامة فعوائل هؤلاء تعتبر فقيرة لأن عائلهم وضع في السجن لمدة طويلة ولا يستطيع إعالة عوائلهم فيضطرون لتسجيل عوائلهم في جمعيات البر وبالتالي يقدم لهم الخدمات التي نستطيع، وقد وجدنا أن هناك علاقة حميمة بين إدمان التدخين والمخدرات، فمعظم المدمنين للمخدرات بدأوا بإدمان التدخين ولهذا لا بد من لفت النظر لحقيقة العلاقة الخفية بين الفقر والنشء الاجتماعي وبين الإدمان في عمومه الذي يبدأ بالتدخين. إن مكافحة التدخين جزء من قضية كبرى ألا وهي العمل الدؤوب لإيجاد بيئة نقية صحية. إن جزءاً من التلوث يحدث بسبب التدخين وخاصة في الأماكن المغلقة لهذا تكون الحملة ضد التدخين حملة لتنظيف البيئة، أرجو أن يعمل ويتعاون معنا رجال البيئة لتحقيق هذا الهدف لأنه هدفنا جميعا، فصحة الإنسان مرتبطة بالبيئة ونظافتها وخلوها من التلوث. فمكافحة التدخين مثل مكافحة جرائم أخرى هي قضية اجتماعية هامة يشارك فيها الجميع، فمسؤولية القرار الإداري والقرار السياسي هو الدعم الأول والقوي في تثبيت مكافحة التدخين، والدعم الإعلامي مهم جداً فترى مثلا ميزانية جمعية مكافحة السرطان في أمريكا تصل إلى خمسمائة مليون دولار بينما ميزانية الندوة العالمية للشباب الإسلامي لنفس العام كانت 60 مليون دولار، أما هذه الجمعية فلا تأتيها التبرعات إلا نذراً يسيراً فنحن حقيقة أمام مشكلة اجتماعية عويصة ونحتاج إلى دعم مالي كبير حتى نستطيع أن نواجه هذا الطوفان بكل فاعلية، فالدعم الإعلامي مهم جداً مقابل ما تنفقه الشركات في الدعاية والإعلان لنشر السموم سموم التبغ. فهناك شركة ببسي كولا مثلا تنفق خمسمائة مليون دولار لتغيير ماركتها وترويج علبتها الجديدة، ولنا زيارة للبلدية سوف نناقش معها هذه الأمور مجتمعة. وصدرت مؤخراً دراسة جديدة في بريطانيا تقول: إن الخمر يسبب الإدمان مثل النيكوتين. وطرح الأستاذ عبد الله عبد العزيز السلمان أمين صندوق الجمعية بعداً جديداً للحوار فقال: إن ما قيل إن التدخين له بعد إدماني ولا يمكن علاجه بل القصد منه إنه يسبب الإدمان، وهناك مفهوم غير صحيح بأنه لا يمكن علاج الإدمان ولذلك يتلكأون في علاج ذويهم من الإدمان وهذا مفهوم خاطئ. وعندنا في الجمعية أشخاص دخنوا لمدد تتراوح ما بين خمسين إلى ستين سنة ولكن بالمعالجة أقلعوا عن التدخين، أعني أن العلاج ممكن فقط يحتاج إلى إرادة قوية ومقاومة العودة إلى التدخين. وهناك أناس كانوا يدخنون 4 علب يوميا أقلعوا عن التدخين وهذا هو البعد الفسيولوجي عند الإنسان واستمروا في الابتعاد عن التدخين. مطالبنا لـ(الجزيرة) وعلق د. محمد بن صالح الجاسر المشرف العام على الإدارة العامة للتغذية بوزارة الصحة والمنسق الوطني لبدائل حليب الأم قائلاً: في الحقيقة أريد أن أركز على تفعيل بعض النقاط التي وردت ضمن الحوار ما دام قد صدر من المقام السامي نظام لماذا لا تشير الصحافة إلى هذا الموضوع؟ أي لماذا لا يطبق النظام؟ ولابد من لائحة تنفيذية تكون ملزمة لجميع القطاعات الحكومية والخاصة وإيقاع الغرامة على المخالفين. وبهذه الطريقة يمكننا أن نحد من التدخين مثل حزام الأمان وغيره من الأمور الأخرى؛ لذلك أطالب بتفعيل هذا النظام وتطبيقه من الجهات العليا لكي نحصل على نتائج ملموسة. كما أطالب (الجزيرة) بإفراد عمود صحفي لتوعية الناس بمضار التدخين وأمراضه وما شابه ذلك من مساوئ التدخين. ثم طرح تساؤل عن ميزانية الجمعية بفرعيها التي تبلغ مليونين وثمانمائة ألف ريال سنويا: فما هي مصادر الدخل لديكم؟ ولا مانع من ذكر الجهات لأن هذا الأمر خيري. الوزارة (مائة وخمسون ألف ريال سنوياً)، ومن أكبر الداعمين الراجحي إخوان جزاهم الله خيراً، ومكتب الجميح الخيري، ومؤسسة الجريسي، والشيخ عبد الله بن صالح العثيم، ومؤسسة البراهيم الخيرية، وهناك بعض البنوك مثل البنك السعودي للاستثمار وشركة سابك، كل هؤلاء دعمهم سنوي وهناك استقطاع شهري لا يطبقه إلا شركة الراجحي المصرفية للاستثمار، أما البنوك الأخرى فتطلب عمولة مقابل هذه العملية: - نحن نحاول أن ندخل إلى الشاشة التي توجد فيها أسماء الجهات الخيرية لكي يشملنا القرار. - كما أن هناك تجاراً كبار السن لديهم قناعة بأنه لا يمكن مكافحة التدخين من التبرعات فلا يحبذون المساهمة مع الجمعية في مشاريعها. - وهناك فتوى بأنه لا يجوز صرف مال الزكاة في عملية مكافحة التدخين ولكن نحن متفائلون بأن أوضاعنا سوف تتحسن لأن هذا الذي نسعى إليه عمل وطني هام يجب أن تتضافر الجهود فيه. وأعاد الأستاذ خليل الجهني الحديث عن أهمية التدخل الإعلامي القوي في دعم أهداف جمعية مكافحة التدخين، وقال: إن كل الجهود الإعلامية المتنوعة يجب أن تتضافر لتحقيق هذا الهدف النبيل وإذا تركت هذه المشكلة تتفاقم فإننا سنخسر شبابنا وتزيد الأمراض وتتلوث البيئة وعملنا سيكون سراباً إذا لم ننتبه لهذا الخطر الذي نحن واقعون فيه دون أن نشعر به وهو موجود في البيت والمدارس والشوارع وحتى على أسطح المنازل، إن محك الوطنية الحقيقية هو هذا التكاتف الذي ندعو إليه وهو واجب ديني ووطني وإنساني. (الجزيرة) سباقة في التوعية وأضاف الدكتور عبد الله البداح منوهاً بدور (الجزيرة) قائلاً: إن جريدة (الجزيرة) بصفتها صحيفة وطنية بذلت جهوداً متميزة في مجال الوقاية من التدخين. وقد طلبت من الإخوة أن يعملوا إحصاء لما نشر في (الجزيرة) حول هذا الموضوع خلال خمس سنوات لكي نطلع على أسلوب طرح الجزيرة لهذه المشكلة، وكذلك عندي اهتمام بالرسم الكاريكاتيري بصفته وسيلة لمكافحة التدخين وأصدرنا في الجمعية حوالي ستة مجلدات حول الموضوع فكانت (الجزيرة) سباقة في هذا المجال، ولها في هذا إبداع كبير، وعرضنا هذه الرسوم على منظمة الصحة العالمية فأعجبوا بمكافحة التدخين عن طريق الكاريكاتير ونأمل أن نوثق جهد (الجزيرة) في هذا الموضوع. وذكر رئيس الجمعية سليمان الصبي أن التدخين يقتل ثلاثة عشر ألف شخص يومياً في العالم أي خمسة ملايين سنوياً ولدينا رسالة تقول ( لا تقتل نفسك) فلا توجد مادة تقتل البشر مثل هذه المادة أبداً؛ ففي القرن الماضي قتل مائة مليون نسمة أما القرن الحالي فسوف يقتل فيه أكثر من هذا بكثير. فالمشكلة ليست بتلك السهولة التي يتناولها الإنسان وإنما هي قنبلة موقوفة يجب علينا أن نقدرها خير تقدير لكي نتجنبها. وعلى سبيل المثال فقد أدخلت جائزة الملك فيصل العالمية في العام الماضي مكافحة التدخين في جائزتها باقتراح منا لفرع الطب وحصل عليها عالمان من أطباء بريطانيا كان لخدماتهما أكبر الأثر في مكافحة التدخين. توصية وشكر وتقدير وفي ختام الندوة دعا أعضاء الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين وفي مقدمتهم رئيسها سليمان بن عبد الرحمن الصبي جريدة (الجزيرة) إلى مزيد من الاهتمام الإعلامي بهذا الهدف السامي، وشكروا لها جهودها السباقة في النشر عن مضار التدخين وعواقبه، وتوجهوا بالشكر ثانية على استضافة (الجزيرة) لهم في هذه الندوة وتمنوا أن تكون هذه الندوة تدشيناً لانطلاقة إعلامية على مستوى الصحف السعودية جميعاً. ***** شارك في الندوة من ( الجزيرة ): ***** عبد العزيز محمد المنصور نائب رئيس التحرير إدريس عبد الله الدريس نائب رئيس التحرير عبد اللطيف العتيق نائب رئيس التحرير منصور عثمان الزهراني مدير التحرير للشؤون المحلية **** 1 أسماء ضيوف الندوة - سليمان بن عبد الرحمن الصبي- رئيس مجلس الإدارة (مستشار في وزارة الشؤون الإسلامية). 2- عبد الله بن عبد العزيز السلمان - عضو مجلس إدارة (مستشار وكيل وزارة التربية والتعليم للتطوير التربوي). 3- د. عبد الله بن محمد البداح - عضو مجلس إدارة. 4- د. محمد بن صالح الجاسر - عضو مجلس إدارة (المشرف العام على الإدارة العامة للتغذية - وزارة الصحة). 5- د. عبد الرحمن بن عبد العزيز المحرج - عضو مجلس إدارة. 6- خليل بن جابر الجهني- عضو مجلس إدارة (مستشار قانوني - مصلحة الجمارك). 7- د. عبد الإله بن إبراهيم الحيزان - عضو مجلس الإدارة(الأمين العام المساعد للرعاية الاجتماعية في جمعية البر بالرياض- أستاذ مساعد في قسم الكيمياء - جامعة الملك سعود).
متابعة: عوض مانع القحطاني * تصوير: عبد الله المسعود |