رغم أن دولة الكويت تعيش احتفالات وإجازات إلا أن القضايا السياسية ذات البعد الوطني تهيمن وبصورة واضحة على اهتمامات الناس، فبالإضافة الى تناول الصحافة لهذه القضايا انشغلت الديوانيات التي تعد الرئة التي يتنفس من خلالها الكويتيون والتي يناقشون من خلالها قضاياهم السياسية والوطنية والاقتصادية والاجتماعية. فالديوانية في الكويت تقليد حافظ عليه الكويتيون منذ القدم، إلا أن الديوانية في العقد الأخير أصبحت (أداة) مهمة للتعبير ونقل وجهات وآراء الكويتيين لبعضهم البعض، وللمسؤولين ولممثليهم في مجالس الأمة والبلدية وحتى مجالس إدارات الجمعيات التعاونية والخيرية، ولمسيري المنابر الاجتماعية والسياسية، ولهذا فإن (الديوانية) أصبحت ضرورة في المجتمع الكويتي، وأصبح تقريبا لدى كل عائلة (ديوانية) يلتقي من خلالها أبناء العائلة للتداول في شؤونهم الخاصة والعامة، بل وحتى تبادل الحديث من أجل (الجمعة) و(السوالف)، إلا أن العديد من الديوانيات لها طابع سياسي وديني.. وأخرى واجهات اجتماعية تترجم المكانة المتميزة لصاحب الديوانية التي يؤمها مرتادوها يوماً في الأسبوع.. حيث يتقاطرون في المساء للتداول في أمور شتى. هذه الأيام الأحاديث المسيطرة على مداولات الديوانيات في الكويت تدور حول ثلاثة محاور، أولها الإرهاب الذي ابتليت الكويت به، وثانيهما تمكين المرأة من نيل حقوقها السياسية في المشاركة في الانتخابات تصويتاً وترشيحاً، والأمر الثالث هو ما آثاره إعلان مجموعة من أعضاء التيار الديني تأسيس حزب الأمة. هذه المواضيع لا تشغل رواد الديوانيات فقط بل نجد لها صدى في الصحافة الكويتية وفي الأحاديث الجانبية بين المثقفين. فعن الإرهاب يتبادل الليبراليون والتيار الديني الاتهامات بشأن نمو ظاهرة الإرهاب وامتدادها الى الكويت، والغريب ان كلا التيارين يتهمان الحكومة بأنها دعمت التيار المضاد الذي أطلق الإرهاب أو تسبب في ظهوره، كرد فعل على التوسع في التغريب الذي يدعو إليه العلمانيون، الصفة التي يطلقها أصحاب التيار الديني. أما الليبراليون فلا يتركون مناسبة إلا ويوجهون اتهامهم للحكومة بالتقاعس عن محاربة الفكر المتطرف مشيرين الى أن أحد أسباب انتشار هذا الفكر هو الرعاية الحكومية له وغض النظر عن ممارسات الجماعات الاسلامية التي يتهمونها أيضا بالهيمنة على المناهج الدراسية ونشر فكر التطرف والغلو وتحقير الرأي المخالف. ومفكرو التيار الليبرالي يعتبرون أن ما حصل في الكويت من عمليات إرهابية مجرد بداية، وأن الحركات الإرهابية وبعد نجاح الأجهزة الأمنية في التصدي لهم وإفشال أولى عملياتهم، ارتدوا وهم الآن في مرحلة التقاط الأنفاس، وأن أعمالاً إرهابية أخرى ستقع في المستقبل متهمين السلطة بالتساهل في تعاملها مع الارهابيين. أصحاب التيار الديني، يرمون بالكرة في ملعب الليبراليين متهمينهم بأنهم وبدعوتهم الى التوسع في تطبيق النهج العلماني والارتماء في أحضان الثقافة الغربية، أشعلوا ردة الفعل لدى الشباب الذين وجدوا في الدعوات المتطرفة التي أطلقها أصحاب الفكر المنحرف ملاذاً لمواجهة التحلل العلماني..!! التجاذب وتبادل الاتهامات ورمي المسؤولية على الحكومة بين التيارين الليبرالي والديني واضح في أحاديث الديوانيات وما يكتب في الصحف، حتى أنك تجد رأيين متضادين في صحيفة واحدة، بل وفي صفحة واحدة كما يلاحظ في (القبس) فيما يكتبه عبد اللطيف الدعيج وأحمد الربعي يقابلهم القصار والعراقي.
|