* بيروت - الوكالات: يبدو أن قدر حكومة عمر كرامي أن تسقط تحت ضغط الغضب الشعبي، كما حدث أمس الأول في الجلسة العامة للبرلمان اللبناني حيث خصصت لمناقشة جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. فقبل أن تكتمل الجلسة التي كان مقرراً أن يتم في نهايتها التصويت على طرح الثقة بالحكومة فاجأ كرامي الجميع في بداية الجلسة المسائية بإعلان استقالة حكومته وسط ضغط شعبي جارف نجحت المعارضة في حشده خارج ساحة البرلمان، فيما تولى نواب المعارضة في داخل المجلس شن الهجوم الكثيف والشرس على حكومة كرامي، والتي حملوها مسئولية اغتيال الحريري. وواصل نواب المعارضة هجومهم الحاد على الحكومة (التي لم يمض على مباشرة مهامها سوى خمسة أشهر)، حيث وصف عضو اللقاء الديمقراطي النائب باسم السبع بيانها بأنه (وثيقة سوداء) في تاريخ لبنان يجب توزيعها على أعضاء المجلس وهو الأمر الذي وافق عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري. ولم تقف المعارضة في هجومها عند هذا الحد، بل وصف النائب مروان حمادة أعضاء الحكومة بأنهم موتى بينما يبقى الرئيس رفيق الحريري حياً مطالباً برحيلها قبل فوات الأوان في ضوء المخاطر السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية.. وحذّر من أنه إما أن نودع الحكومة ونحفظ لبنان أو يتمسك بها البعض فنودع لبنان (على حد قوله). وفي الوقت الذي لم يتحدث فيه أي من نواب الحكومة في الجلسة الصباحية مؤيداً لمواقف الحكومة يبدو أن كرامي وجد نفسه يتحمل وحيداً مسؤولية تداعيات جريمة الاغتيال التي هزّت لبنان من أقصاه إلى أقصاه فجاء قراره المفاجئ بالاستقالة ليضع حداً لهذه المعاناة. وكانت حكومة كرامي الأولى قد سقطت في السادس من مايو عام 1992م تحت ضغط الغضب الشعبي الذي شهدته بيروت في ذلك الوقت والذي سمي ثورة الإطارات المشتعلة احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نتيجة تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية. وفور إعلان رئيس الوزراء اللبناني عمر كرامي استقالة حكومته داخل مجلس النواب ارتفع هتاف عشرات الآلاف من اللبنانيين الذين احتشدوا في ساحة الشهداء بالقرب من ضريح رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وأطلق المعتصمون صرخات الفرح والترحيب التي امتدت اصداوها حتى داخل مجلس النواب، بينما كان النواب يهمون بالخروج وسط حالة من الذهول أصابت النواب الموالين للسلطة وممثلي الأحزاب الحليفة لسوريا. وأعلن المعتصمون استمرار اعتصامهم في ساحة الشهداء حتى جلاء الحقيقة في جريمة اغتيال الحريري وخروج القوات السورية وملحقاتها الأمنية من لبنان.. كما طالب المعتصمون بإقالة الرئيس اللبناني العماد إميل لحود وقادة الأجهزة الأمنية. ودعا نواب المعارضة الذين سارعوا إلى التوجه إلى ساحة الشهداء المعتصمين إلى الاستمرار في موقفهم الوطني المنظم حتى يتم تحقيق باقي المطالب. وطالب النواب المعتصمين بالوعي وتحمل المسؤولية في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ لبنان. وفي تصريح مقتضب عقب خروجه من جلسة مجلس النواب أعرب وزير الداخلية اللبناني سليمان فرنجية عن ارتياحه لأنه كان يحمل هماً على كتفه.. وليحمل الآخرون هذا العبء. ووسط غابة من الأعلام اللبنانية التي اكتظت بها ساحة الشهداء استمرت احتفالات أنصار المعارضة من القوى الطلابية والشبابية بترديد الأغاني والأناشيد الوطنية والهتافات المطالبة بالخروج الفوري للقوات السورية من لبنان. وردد المعتصمون الهتافات المطالبة بإقالة قادة الأجهزة الأمنية. وتوالى وصول نواب المعارضة إلى ساحة الشهداء، حيث قاموا بتهنئة القوى الطلابية والشبابية على موقفهم التاريخي الذي ساهم بشكل كبير في الضغط على الحكومة وأظهرها فاقدة للشرعية الشعبية. وعلى الرغم من كثافة الحشود في ساحة الشهداء فقد بدا حرص الجميع على النظام والبعد عن أي اشكالات أمنية والالتزام بالعلم اللبناني الواحد بعيداً عن أي شعارات حزبية أو طائفية.
|