تُرى ما هو تعريف كلمة إرهاب في الشارع العربي؟ هذا هو التساؤل الذي طرحه البروفيسور جدعون بن مناحيم أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب في كتابه الصادر في الثامن عشر من شهر يناير الماضي، والذي حاول فيه التوصل إلى معنى هذه الكلمة عربياً، مشيراً إلى أن هناك اختلافين كبيرين بين معناها عربياً وعالمياً. ويرى بن مناحيم أن أهم نقطة ينتقد فيها العرب القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة عند مناقشة كلمة إرهاب هو عدم التمييز بين ما أسموه ب(الإرهاب) المرفوض أخلاقيا وإنسانيا وبين المقاومة المشروعة، وهذا اتهام يبدو واضحا حتى في خطابات الزعماء والمسؤولين العرب. ويشير إلى أن إحدى أهم وسائل الدفاع التي يستخدمها العرب والمسلمون لمواجهة هجوم بعض وسائل الإعلام الأمريكية والغربية على المسلمين واتهامهم بالإرهاب هو التركيز على فكرة أن الغالبية العظمى من المسلمين يرفضون العنف الإرهاب، وأن تنظيمات التطرف لا تمثل إلا نسبة ضئيلة من المسلمين مثلها مثل جماعات النازيين الجدد أو جماعات الصليب المتشدد المنتشرة بدورها في كثير من أنحاء العالم الغربي وهي مسيحية. وينتهي بن مناحيم إلى عدم وجود اتفاق بين المثقفين والسياسيين العرب والغربيين في التعامل مع الإرهاب، موضحاً أن التصريحات والادعاءات المتناقضة يمكن استخدامها حسب كل ظرف وضمن إطار كل دولة على حدة، زاعماً أن تعريف الإرهاب يختلف حتى في الدول العربية وبعضها البعض، وعلى سبيل المثال يختلف بين مصر والفلسطينيين أو مصر ولبنان وما إلى ذلك من النماذج الأخرى. ويوضح أن العرب يرون أن أي منظمة عسكرية تخرج من رحم أي نظام يتعرض للاحتلال تعتبر منظمة مقاومة, ويستشهد بعدد من النماذج في هذا الإطار وهي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى بجانب حزب الله التي تعتبر جميعها منظمات مقاومة في نظر العرب، وهو ما اعتبره بن مناحيم دليلا على كراهية العرب للإسرائيليين خاصة وأن قتلهم أحد أهم الأهداف التي تسعى هذه المنظمات إلى القيام بها. ويشير إلى أن الطامة الكبرى هي اعتبار العديد من المفكرين بالإضافة إلى الجماهير العربية أن ما يحدث في العراق على يد الجماعات العسكرية به يعتبر مقاومة للاحتلال وليس إرهابا، وهو ما اعتبره بن مناحيم بمثابة نقطة اختلاف كبرى في تعريف الإرهاب بين العرب والغربيين. وينتهي بن مناحيم في كتابه إلى أن الاختلاف في تعريف كلمة الإرهاب بين العرب والغرب سيظل قائماً طالماً وجدت البنية الأساسية لهذا الاختلاف والمتمثلة في الثقافة والدين، موضحاً في النهاية أن سياسة القوة العسكرية المفرطة والتي تنتهجها في الأساس إسرائيل مع الفلسطينيين بجانب الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان ستؤدي إلى تعميق هذا الاختلاف وعدم وضع تعريف حاد وقاطع لمصطلح (إرهاب) دولياً.
|