نجحت إسرائيل في تقديم إدانة سياسية لفكر المقاومة الإسلامية، وقد استثمرت أحداث سبتمبر لتعميم الفهم الإسرائيلي على مؤسسات الفكر والجمهور الغربيين. وبذلك أصبحت الصفة الإسلامية لأي حركة أو فعل كفيلة بوضعها على قائمة الإرهاب الدولي، مثل ما حصل مع حماس والجهاد الاسلامي، وهذا جاء نتيجة الممارسات العبثية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية المحسوبة على الفكر الإسلامي ظلما، وتعد هذه المجموعات إحدى اهم محركات الشرق الأوسط الكبير التي تدفع إسرائيل بكل قوتها لتحقيقه على أرض الواقع. ولا يحتاج صانع الخطاب الإسرائيلي لأي جهد كبير حتى يخلق ربطا موضوعيا بين الفكر الاسلامي وبن لادن والقاعدة الذي قدم للآلة الدمائية الإسرائيلية قوة تأثيرية لم تجدها منذ قيام إسرائيل عام 1948م. وبهذا استطاعت إسرائيل إيجاد فكرة عولمة الإرهاب الذي يحتاج لحل عولمي يتضمن إدانة العالم للفكر الإسلامي ويعلن عدم صلاحيته في الحاضر والمستقبل. ولم يخطئ شارون الصواب حينما تحدث أمام مؤتمر هرتسيليا السنوي الذي عقد في إسرائيل مؤخرا لمناقشة قضايا الإرهاب حين قال (وقد أصبحت إسرائيل أكثر قوة بينما أصبح الفلسطينيون أيتاما والسوريون معزولين والعالم بأسره يقف إلى جانب إسرائيل). وإذا كانت كتائب القسام هي الجناح العسكري لحماس فإن القاعدة هي الجناح العسكري للموساد الإسرائيلي، وما علينا إلا أن نتحقق من نتائج أعمال القاعدة للتأكد من صحة هذه المقولة، وما يعزز هذه القناعة هو كتاب صدر مؤخرا في إسرائيل يوضح أن امرأة إسرائيلية تغلغلت داخل الجماعات الإسلامية الدولية لأغراض تجسسية. وإذا كانت المؤسسة المحافظة التي تقود العالم اليوم تعلم أن كلمة الجهاد في النصوص المقدسة لا تعني الإرهاب وقتل الأبرياء، إلا أن أعمال القاعدة تعطيها هذا التفسير. ومن جهة أخرى سوف يجتمع هذا الأسبوع في شرم الشيخ رئيس وزراء إسرائيل والرئيس الفلسطيني للإعلان عن بدء اللحظة التاريخية التي أوجدها غياب الرئيس عرفات، وكان ملحوظا أن هناك جهدا مصريا منذ فترة لخلق هذه اللحظة حيث يعد أبو مازن أول رئيس عربي يلتقيه شارون في العلن منذ انتخابه عام 2001م، ومن المسلم به أن هذا الاجتماع لن يقدم الحل القاطع والحاسم لإنهاء الصراع لأن وبكل وضوح شارون ليس معنيا بالحل بقدر ما هو معني بالتأجيل، ومناقشة المبادرات. ولو كان معنيا بالحل لتلقف المبادرة العربية التي أجمعت عليها الدول العربية في قمة بيروت 2003م بدلا من التوجه لواشنطن من أجل رفع الإحراج عنه وتخليصه من هذا المأزق، وكانت النتيجة تقديم واشنطن رؤية بوش للسلام.
|