هل من المنطقي الاستمرار في تدريس مواد التاريخ على المنوال نفسه والقائم منذ عشرات السنين؟ وهل من المنطقي أن نظل معتمدين على بضع مراجع منشورة تكون سندنا في تقديم مراحل تاريخنا العربي الإسلامي وتاريخنا المحلي؟ مثل هذه التساؤلات لا بد أن ترتفع، وأن تثير في أذهاننا الكثير من المشكلات التي تحتاج إلى حل، فإذا كان المنطق يتطلب منا إعادة النظر في دراسة وتدريس التاريخ، فما هي الأسباب التي تدفع إلى ذلك، ومن وجهة نظري هناك عدة أسباب أطرحها فيما يلي: أولاً: ظهور عشرات المراجع التراثية منذ وقت قصير مما يتطلب تجاوز الاعتماد على المتوافر والمعروف والمتداول، فهذه المراجع التراثية التي صدرت مؤخراً تحمل معلومات كثيرة لا تتوافر في تلك المنشورة من قبل. ثانياً: اكتشاف شواهد ونقوش إسلامية في مناطق كثيرة داخل المملكة تحتوي على معلومات قد تؤدي إلى تغير موقفنا من قضايا تاريخية محددة. ثالثاً: نمو الاهتمام بالوثائق، وصدور مؤلفات في هذا المجال ابتداء من وثائق البردي المدونة في القرن الأول الهجري إلى الوثائق الخاصة بالمملكة العربية السعودية. رابعاً: التوسع في دراسة المسكوكات وما تحتوي عليه من معلومات تاريخية مخالفة، أو مصححة لأحداث تاريخية. خامساً: صدور عشرات الدوريات العربية والأجنبية المتخصصة في التاريخ والتي نشرت فيها دراسات كثيرة تحمل آراء وأفكاراً جديدة وتصحح معلومات سائدة وتثير مشكلات في صلب تاريخنا الإسلامي، ومثل هذه الدوريات تعد من الركائز الأساسية في تقديم التاريخ بشكل حديث ومتطور. وبشكل عام يجد الباحث والقارئ للتاريخ في المكتبة الحديثة جملة متنوعة من الدراسات الجادة في قضايا تاريخية كتبها أساتذة بارزون في تخصصهم الدقيق، كما أن مراكز المعلومات المحلية والمعنية أيضاً بالنشر تزود بين فينة وأخرى بإصدارات جديدة سواء كانت تراثية أم حديثة تكشف عن ثغرات، كما تضفي معلومات أو تصحح غيرها. إن الأمر يتطلب منا أن نستعين بهذه المعطيات العلمية الداعمة للدارسة التاريخية، وأن نستفيد من محتوياتها في كتابة مواد التاريخ التي نقدمها لطلابنا، حتى تكون المادة قريبة من الواقع الذي كانت عليه، وحتى نثير بمن ندرسهم الرغبة في متابعة التاريخ متابعة لصيقة، ودراسته بشكل مشوق بعيداً عن النمطية ونخلصهم من الاستماع إلى معلومات مكررة يواجهون بها بشكل لا يختلف إلا في إضافات بسيطة من سنة إلى أخرى.
|