اطلعت على ما كتبه أحد الاخوة لعزيزتي الجزيرة بتاريخ السادس من الشهر الجاري حول ظاهرة التسول المنتشرة في كافة أنحاء البلاد، وقد أشار الأخ الكاتب ضمن الحلول المقترحة للحد من هذه الظاهرة إلى أهمية بيان الحكم الشرعي في التعامل مع المتسولين، وهذا الحكم كما يعلم الجميع واضح وصريح في كتاب الله وسنة رسوله يقول الله تعالى {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} (10)سورة الضحى، ويقول المصطفى - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - (ردوا السائل ولو بشق تمرة) ويقول: (اتقوا النار ولو بشقة تمرة) لكن الملاحظ أن البعض من الناس -جزاهم الله خيراً- يجزل العطاء للمتسولين، وهذا في تقديري من أهم أسباب انتشار هذه الظاهرة وتزايدها بدخول متسولين جدد إلى سوق التسول، والواجب رد السائل بأقل القليل لأن المحتاجين ينتفعون بالقليل أما المردود القليل للتسول فإنه سوف يجعل الكثيرين يقلعون عن هذه العادة. كذلك أشار الأخ الكاتب إلى أهمية أن تتوسط مكاتب مكافحة التسول لدى الجهات المعنية بتوظيف المحتاجين الذين تدفعهم الحاجة إلى انتهاج هذا السبيل المهين للاسترزاق. وأقول لكن المشكلة هي محدودية مكاتب مكافحة التسول التي تعتبر من أهم أسباب تفشي هذه الظاهرة حيث لا يُوجد حسب علمي سوى 11 مكتباً على مستوى المملكة ولك أن تتصور كيف يستطيع مكتب واحد في منطقة واسعة مثل القصيم القيام بمهمة متابعة المتسولين في مدينة بريدة التي تحتاج وحدها إلى مكتبٍ خاص للمكافحة وفي إحدى عشرة محافظة ينتقل فيها المتسولون ويمارسون نشاطهم بكل حرية خاصة النساء اللاتي لوحظ أنهن ينتقلن كل صباح بسيارات مستأجرة من الجهات القريبة من مكتب مكافحة التسول إلى الجهات البعيدة عنه والعودة ثانية في المساء، ولذلك هناك حاجة إلى زيادة عدد مكاتب مكافحة التسول بحيث تكون في جميع المحافظات البعيدة عن المكاتب الحالية وأن تعمل جميع المكاتب بالتنسيق مع مكاتب العمل والجمعيات الخيرية والضمان الاجتماعي على تقصي أحوال كافة الأسر المحتاجة في المدن والقرى وبخاصة الأسر التي ينتمي إليها المتسولون لإيجاد البدائل المناسبة التي تساعد المتسولين الحاليين على الإقلاع عن هذه العادة غير الحميدة وتحول دون ظهور متسولين جدد، ومن أهم هذه البدائل إيجاد فرص عمل للعاطلين وزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي وزيادة دعم الجمعيات الخيرية والتنسيق مع الأثرياء وشركات التأمين لتحمل الديات وتبعات الحوادث لأن الهدف من مكافحة التسول ليس ضبط المتسولين أو منعهم من التسول لأن هذا قد يؤدي بالمتسولين المحتاجين إلى ما هو أسوأ من التسول وهو السرقة والسطو على المنازل والمحلات وقد يدفع بعض النساء المحتاجات إلى الوقوع في المحظور والله الموفق.
محمد حزاب الغفيلي/الرس |