تابعت تغطية الجزيرة لحادث مقتل الرئيس الحريري وأقول: لا شك إنه خبر أليم ذلك الحادث الاجرامي الشنيع الذي تعرض له رئيس وزراء لبنان السابق ورجل الأعمال المعروف رفيق الحريري من أيد غادرة تختبئ في جنح الظلام فقد كانت كافة وسائل الاعلام، ومنها جريدتنا الجزيرة الغراء تنقل لنا الوقائع منذ وقوع الحادث، وحتى مراسم تشييعه المهيبة التي رأينا، كيف اجتمعت الحشود الكبيرة التي تجاوزت المليون فرد لتثبت للعالم أجمع بأن وحدة لبنان صامدة أمام كل التحديات الخارجية، ولتدل دلالة كبيرة على مدى البصمات العظيمة التي تركها هذا الرجل في قلوب الآلاف من اللبنانيين عبر السنوات الطويلة. نعم نحن لا نعرف رفيق الحريري عن قرب، ولكننا رأينا كيف بكت النساء والمسنون والشباب على فراقه، وكيف تحدث الجميع بكافة طوائفهم وديانتهم عنه، والألم يعتصر قلوبهم على رحيله، وكيف امتلأت الطرقات بالمشيعين الذين جاءوا عن بكرة أبيهم ليودعوا عزيزاً عليهم، كيف لا وهو الذي وضع على عاتقه بعد انتهاء الحرب الأهلية كيفية إعمار لبنان فكان له بصمات معروفة في تعمير وإعادة وسط بيروت بمنشآته ومجمعاته التجارية وفنادقه وجامعاته، ثم توجه الى العمل الخيري فدعم المنظمات الخيرية والجمعيات، وتبرع للمحتاجين وساعد الطلبة على إكمال تعليمهم والمرضى على استكمال علاجهم، هذا هو رفيق الحريري الذي كان رجلا عصاميا كوّن نفسه من الصفر حيث قدم الى المملكة، وعمل في التعليم ومن رحابها انطلق ليدخل عالم التجارة، ويكون نفسه بجهد كبير ليصبح من أصحاب الأموال ثم دخل المعترك السياسي حيث انتخب أكثر من مرة لرئاسة مجلس الوزراء في لبنان لتنتهي حياته على أيد إرهابية غادرة أصبح العالم كله يعاني من هذه الفئات التي بدأت تظهر هنا وهناك وتحارب كل ما هو جميل وكل ما هو حضاري في محاولة منها للنيل من مكتسبات هذه الأمم، ولكنها بلا شك ستكون هي الخاسرة، وستنقلب عليها مخططاتها الدنيئة إما عاجلا أو آجلا.
محمد بن راكد العنزي |