Wednesday 23rd February,200511836العددالاربعاء 14 ,محرم 1426

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

أنتأنت
من كتائب خط المواجهة الأول: مؤسسة الموهوبين
عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

عندما يقول سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز إن وزارة الداخلية ليست وحدها المعنية بتحصين المواطن من الفكر الإرهابي فإنه يعني أن الكل مسؤول في هذا المنحى.. وأنها مسؤولية لا يقوم بها جهاز ويُعفى منها جهاز آخر.
وبإعلان الأمير نايف أن الحرب على الإرهاب حرب فكرية.. يعني ذلك أن المؤسسات التعليمية والثقافية هي القطاع المطلوب منه أن يكون على خط المواجهة.. كما يعني أن إخفاق المؤسسات التعليمية أو الثقافية.. هي خسارة الحرب.. وهنا مكمن الخطورة.
في هذه المقالة أتوجه إلى مؤسسة لها مكانة خاصة في قلبي، فقد تشرفت بالمشاركة بجهدٍ متواضع في خدمتها، حينما كانت برنامجاً في وزارة المعارف.. ثم بالتسويق لها عند نشأتها.. لقناعتي التامة بنبل أهدافها وحاجتنا الملحة إلى مؤسسة غير ربحية تضطلع بهذه المهام.. هذه المؤسسة هي مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين.
ما دعاني إلى أن أتوجه لهذه المؤسسة، هو لكي تسهم إسهاماً فعّالاً في التحصين الفكري، كونها مؤسسة تعنى بالأطفال والشباب.. وهم الحلقة الأضعف، وبالتالي هم هدف أعداء الأمة، لأنهم الأكثر والأسرع تأثراً بالأفكار والأحداث والمتغيرات والقضايا، وما أعمار الفئة التي تقوم بالأعمال الإرهابية إلا دليل على ذلك.
تقول الدراسات إن كل إنسان مبدع ومعطاء في أي جانبٍ من جوانب الحياة لا يمكن أن يكون مجرماً.. فهو إنسان حساس تغلب عليه المشاعر الإيجابية تجاه الآخرين.. وهذا ما حدا بإدارات السجون في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعليم السجناء الفنون والمهارات أياً كان نوعها التي تتناسب مع مواهب وميول السجين ليكون إنساناً معطاءً بعد خروجه من السجن فلا يعود للإجرام مرة أخرى.
بمعنى أن الطفل أو الشاب الموهوب إذا تم تنمية موهبته ليكون معطاءً من خلال موهبته يكون أكثر تحصيناً ضد الأفكار والأفعال المتطرفة والإرهابية.. ويكون أكثر تحصيناً ممن استمرأ الأخذ أكثر من العطاء.
وحيث إنه لا يمكن لمؤسسة بمفردها حتى ولو كانت بحجم وإمكانات مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهوبين أن تتبنى جميع المواهب في بلادنا.. إذن عليها أن تتجه لوسائل أخرى لتحقيق ذلك.. من خلال الاستفادة من الإمكانات التعاونية.. خصوصاً أن من أهم أهداف المؤسسة أن تضع خطة إستراتيجية شاملة لنشر المعرفة والوعي في مجال الموهوبين.. وهو هدفٌ من أهداف المؤسسة منصوص عليه في المادة الثالثة من نظامها الأساسي.
هذه الخطة الإستراتيجية القائمة على الإمكانات التعاونية.. من خلال تحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة مع الجهات المتعاونة سواء كانت حكومية أو خاصة أو منظمات غير ربحية.. ستنسق الجهود وتجعلها متكاملة وتراكمية ومستدامة.. حيث ترفع درجة الوعي لدى أفراد المجتمع وخاصة الآباء والأمهات بالتعرف على أبنائهم الموهوبين، وأي صنفٍ من الموهوبين هم.. من خلال التعرف على الصفات والخصائص التي يجب ملاحظتها في أبنائهم.. ومن ثم توعيهم بكيفية تنمية هذه الموهبة لنقلهم من الوضع العادي إلى الوضع الذي يستحقه الموهوب.
إن إشاعة مفهوم الموهبة في المجتمع خطوة مهمة وحيوية في التحصين الفكري للأطفال والشباب.. فهي خطوة استباقية لا دفاعية.. وهذا ما نحن بأمس الحاجة إليه.. نعم نحن بحاجة إلى الوقاية أكثر من العلاج.. وكلنا يُدرك أبعاد المقولة الصائبة: (درهم وقاية خير من قنطار علاج).
ختاماً أناشد من هذا المنبر أخي الدكتور حمد البعادي وهو من المشهود لهم بالإخلاص والتفاني في العمل.. بأن يتصدى لمسؤوليات أكبر بكثير من مسؤولية رعاية أعداد محدودة من الموهوبين وإقامة المسابقات والجوائز، أسأله أن ينتقل بالمؤسسة من التقليدية والنمطية إلى فضاء الابتكار والإبداع والعطاء اللا محدود، أسأله ذلك وأنا اتمنى أن أرى فرعاً للمؤسسة في كل محافظة في أرجاء بلادنا الحبيبة.
أتوجّه بهذا النداء ونحن نعيش في أزمة جعلتنا نرى الحواجز الأسمنتية في كل مكانٍ حتى اتلفوا علينا راحتنا ونكدوا علينا هناءنا. إنها أزمة تستلزم استنهاض الهمم واستثمار كافة الطاقات والإمكانات، نعم فالوطن في أزمة ونحن أبناؤه. ولابد أن نتجاوز مرحلة العمل بالحد الأدنى من المسؤولية خشية المساءلة.. لابد أن تكون المؤسسة إحدى الكتائب القوية على خط المواجهة، فهل هي كذلك؟.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved