|
انت في "محليــات" |
|
ربما لم ننشغل في مجتمعنا السعودي- أثناء رحلتنا التنموية الرائدة- عن شيء مثلما انشغلنا عن بناء مؤسساتنا الثقافية بالقدر الذي نستحقه.. فعلى الرغم من ثراء مخزوننا الثقافي، ومرتكزاته الحضارية، ومصادره النبيلة، إلا أننا لا نكاد نرى واقعاً ثقافياً مؤسسياً يمكن لأبناء المجتمع بأجياله التعاقبة الإفادة منه.. ولذلك، أصبحنا بين حالين يبدو أن لا ثالث لهما: ففي الحالة الأولى، يوجد بعض المحاولات التي لم تكبر ولم يقو عودها، بل تراجعت كثيراً على غرار جمعيات الثقافة والفنون، أو تلك التي غلب جانب فيها جانباً آخر كالأندية الأدبية الثقافية التي هيمن الأدبُ فيها على الثقافة، وكالأندية الشبابية التي طغت الرياضة فيها على المجالات الأخرى. وفي الحالة الثانية بقي كثير من مظاهر ثقافتنا ومخزوننا المجتمعي دون مؤسسات ترعاها أصلاً، وتركت للاجتهادات الفردية حيث يتقاذفها المثقفون والمهتمون حيناً بعد حين.وخارج هذين الحالين، يأتي النموذج الأبرز - بل وربما الأوحد - في دعم أطرنا الثقافية وهو المهرجان الوطني للتراث والثقافة.. ولكنه أيضاً- على الرغم من أهميته الكبرى في دعم الثقافة الوطنية وتحقيق مصالحها - لن يمكنه أن يكون بديلاً للمؤسسات الثقافية المتعددة.. ولذلك، فأولويات المرحلة المقبلة في دعم الثقافة الوطنية في المجتمع السعودي رهينة بمدى الإحساس ب(ضرورة البناء المؤسسي للفعاليات الثقافية).. والأمر هنا عظيم جداً، ذلك أننا سنحتاج التوجه الكبير والعاجل لبناء إستراتيجيتنا الوطنية للثقافة وصياغة عدد من السياسات واللوائح القادرة على تنظيم العمل الثقافي السعودي، ليتلو ذلك مباشرة قيام المنظومة المؤسسية القادرة على بناء ودعم هويتنا الثقافية في تناغم كبير مع الواقع الإقليمي والدولي وفق مرتكزات أصيلة ومتطورة قادرة على استيعاب الآخرين من بيننا، والآخرين من حولنا، والآخرين البعيدين عنا.وبذلك يمكننا أن نقدم للعالم نموذجاً ثقافياً رائعاً بقدر ما نحن رائعون، ونمطاً مؤسسياً لرعاية الثقافة يكون فاعلاً ومؤثراً مثلما نحن فاعلون ومؤثرون، لتخرج ثقافتنا للعالم وللتفاعل معه سامية نبيلةً مثلما أننا سامون ونبلاء.. المرحلة الثقافة القادمة رهينة بقدرة مجتمعنا على العطاء الثقافي المتميز.. فدعونا نمنح وزارة الثقافة والإعلام فرصتها للقيام بمهماتها الثقافية- في هذه المرحلة الجديدة - بكل ما تستطيعه من مهنية عالية، دون أن نكون أوصياء عليها من أي جانب غير تخصصي سواء كان إدارياً أو اجتماعياً. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |