أما في عدة أخبار مفرحة، كل خبر من هذه الأخبار يحتاج إلى مقالة خاصة، لكنني سوف أتناولها معاً، خاصة وأن هذه الأخبار تتضمن هدفاً واحداً، يرمي في النهاية إلى أن التغيير من سنن الله في خلقه. ومن هنا فقد كانت سعادتي بالغة باختيار معالي الأستاذ أياد أمين مدني وزيراً للثقافة والإعلام، خاصة وأن الرجل يسبقه تاريخه ومواقفه ككاتب ومثقف ووزير سابق للحج. وقبل ذلك فقد نشأ في بيت علم، فوالده أول رئيس لتحرير جريدة المدينة وغير ذلك فوالده مؤرخ وأديب أصدر عدة كتب، أما عمه عبيد مدني فقد كان مثل أخيه عالماً وكاتباً. ولن أكون طماعاً فأطلب منه ما طلبناه من سلفه، وما سنطلبه منه لاحقاً، وهو كثير، وأوله أن نرمي بحجر في هذه البركة الثقافية الراكدة، حجر يحركها ويرسي أساسها. وسوف أكتفي الآن بأن أهنئه، فالحمل ثقيل، ومطالب المثقفين أثقل، أعانه الله.. وأبقى مع الإعلام فقد شهدت وزارة الثقافة والإعلام في عهد وزيرها السابق معالي الدكتور فؤاد الفارسي العديد من الخطوات والإنجازات لا ينكرها إلا جاحد، ومن أبرزها تطوير وكالة الأنباء السعودية وإنشاء قناتي الأخبارية والرياضية وغير ذلك الانفتاح النسبي الذي شهدته الرقابة على المطبوعات. كل هذه المنجزات، وغيرها كثير تجعل امتناننا لمعاليه كبيراً ودعاءنا له أكبر، وهو يذهب إلى وزارة هدفها أولاً وأخيراً إدخال البهجة على قلوب مئات الملايين من الحجاج والزوار.. القادمين من كل فج عميق. أما الحدث الثاني فهو تعيين معالي الدكتور عبدالله العبيد وزيراً للتربية والتعليم. وهو قرار صائب، فالرجل يحمل عدة صفات مفيدة ومطلوبة في هذه المرحلة، أولها قلة الكلام، وثانيها تجربة واسعة عسكرية ومدنية، وثالثها اطلاعه الواسع على العالم دارساً وقارئاً ومسؤولاً، ورابعها تجربته في مجلس الشورى وجمعية حقوق الإنسان. كل هذه الصفات تجعل الدكتور العبيد، قريباً منا، ومن همومنا، على المدارس ومقارها ومشاريعها، السابقة واللاحقة والطلاب ومدرسيهم. فالمطالب كثيرة والمشارب أكثر، فهذه الوزارة حمالة أوجه، فقلما ترضى على من يتسلم قيادتها. ومعالي الدكتور محمد الأحمد الرشيد كان قبله، فكان كما يقال يذهب من المطار إلى مكتبه، إذا كان قادماً من سفر، وكان يحاضر ويكتب وينشر في الصحف، ويزور المدارس والمعاهد، ومع ذلك فقد كان الراضين عنه أقل من الساخطين عليه، هو يعرف ذلك ونحن كذلك، ومع هذا فقد كان دوره مشهوداً، فلم تشهد الوزارة قفزة في أنشطتها، مثلما شهدت في عهده، إنه رجل تربوي ومثقف ونشط، لذلك كانت أخطاؤه وحسناته محل تقدير الجميع.. إن في وزارة التربية والتعليم العديد من الهموم، سوف يجدها الدكتور العبيد أمامه، وأبرزها المدارس المستأجرة، وبؤر التطرف، وإعادة النظر في كليات المعلمين والمعاهد العلمية، وفوق ذلك كله المناهج، هذه المناهج التي ستجعل أطفالنا وأبناءنا في مقبل الأيام يمسكون العكاكيز، قبل الأوان! أما الحدث الثالث فهو تعيين معالي الأستاذ عبدالمحسن العكاس وزيراً للشؤون الاجتماعية، وهذه الوزارة في صلب اهتمام شريحة واسعة من الناس. فكل من يحصل على الضمان الاجتماعي، وكل من لديه إعاقة، أو يعاني من الفقر والعوز في دخله ومنزله ومعاشه يعنيه أمر هذه الوزارة. وهي تحتاج بجانب الحنكة والحيدة، إلى الحس الإنساني والعاطفة الجياشة. فنحن رغم ثرواتنا، لدينا فقراء ومعوزين، وهذا ليس عيباً ولا نقيصة، لكن المهم أن يحس كل محتاج، أن هناك من يهتم بشؤونه، ويتلمس همومه وحاجته، وقد فعلت الدولة ذلك كثيراً.. إن من يجلس على هذا الكرسي ليس بينه وبين الله حجاب، فيلدعو الله أن يجعل لمساته وقراراته صائبة، فالهم ثقيل، والجهد محدود، والمال كذلك! ومثلما كنا نشفق على وزيرها الراحل الدكتور علي النملة فإننا نشفق على وزيرها الجديد، أعانه الله. إن للتغيير الوزاري الجديد معاني عديدة أبرزها أننا نسير في الطريق الصحيح، وهو تصرف عملي تجاه الأحداث والتطورات الداخلية والعالمية، وهو ليس ميزة لوزير جديد أو عيب في وزير راحل، لكنه دلالة على أن الإضافة مطلوبة، فكل وزير جديد سوف يأتي ومعه تطلعات، وكل وزير سابق أدى ما عليه وفق ما هو مكلف به ووفق ثقافته وتطلعاته ومتابعته وجهوده، ولابد أن أي مكان جديد قد يذهب إليه سوف يضيف إليه جديداً.. من هنا فرحتنا الكبيرة بالتغييرات الجديدة وامتنانا الكبير لمن تركوا كراسيهم، فقد أدوا ما كلفوا به وكانت لكل واحد منهم بصمة سنذكرها له بمزيد من الامتنان.
فاكس 014533173 |