في الأسبوع الماضي وعندما كانت حمى الحملات الانتخابية في قمتها، كنت أتابع الأنشطة الترويجية التي يقدمها المرشحون، كمرادف لبرامجهم الانتخابية بغرض جذب والحصول على المزيد من الأصوات، لأنني بمتابعة هذه الأنشطة سأتعرف على نجوم المجتمع وأولئك الذين يمتلكون الجماهيرية والشعبية القادرة على جذب الناس وبالتالي أصواتهم. وبقراءة بسيطة للمشهد سنكتشف أن الأبواب الجديدة مازالت تفتح بالمفاتيح الخشبية القديمة، وفي طريقنا باتجاه الديمقراطية وهي ابنة المدينة المدللة والمدخل الأول لمشروعية الدولة الحديثة تقهقرنا نحن باتجاه قريتنا الصغيرة واستجلبنا أبرز رموزها، ليدلنا هذا على أننا جميعنا ما برحنا نعيش هناك، وان خالطنا بعض الشوارع ومدن الأسمنت!! فقد نصبت الخيام وأشعلت مواقد (السمر) ومن ثم التف رجال القرية حول إمام المسجد ليبرز لهم العلاقة بين العبد وربه، ومن ثم بعد أن انتهى الإمام ودخل إلى المشهد شاعر القرية الشعبي التقليدي الذي يترنم بالرموز الصحراوية تحت الخيمة وبين الرمال، وروح الفروسية والبطولة والتدله بالمعشوقة البعيدة الحلم، بالطبع جميع هذه المراسم تلتئم حول المرشح الذي - تحت ظل هذه الأجواء - تقمص روح شيخ القبيلة، ومن ثم في نهاية الأمسية دعا الجميع إلى موائد قرى الضيف كما هو واجب في البروتكول الصحراوي ليخرج الجميع وقد امتلأت حواصله بالطعام، ويلهج لسانه بالشكر. إنه المشهد القديم يتكرر في تواتر لا ينقطع، الزاد القديم في أوعية حديثة، والقبيلة ما برحت تستضيء بنجومها الأزلية.. ولعل الأمر الجميل والمورق والذي بدا يستجيب لنبض المدينة، هو عدم توسل المرشحين أي عصبيات قبلية أو جهوية أو مذهبية، (هذا ما بدا على السطح على الأقل) وسيبقى النجم الوحيد والحقيقي هي موائد الطعام الوافرة والسخية التي أدفأت خيام الحملات.
|