* الرياض - عبدالله العماري: حذر سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الشباب من الانقياد وراء بعض الشعارات والآراء الشاطة والأفكار البعيدة عن الأمة ومجتمعها. وقال سماحته في المحاضرة التي ألقاها صباح أمس في مبنى المؤتمرات بجامعة الإمام بحضور مدير الجامعة الدكتور محمد بن سعد السالم ووكلاء الجامعة وآلاف الطلاب الذين امتلأت بهم القاعة ان الإيمان بشرع الله ودينه المطهر يخلص النفس من الشرك بالله والكفر به ثم يخلصها من أخلاق الجاهلية والرذيلة وأعمالها السيئة وانحرافاتها المتعددة إلى طهر القلوب والأعمال. وأضاف ان الذين عرفوا الجاهلية على حقيقتها وعرفوا الانخراط على حقيقته وعلموا الباطل على حقيقته وتذكروا تلك الحياة السيئة وتلك المجتمعات الآسنة وتلك الأخلاق الرذيلة والتصرفات الخاطئة والحياة المظلمة ثم قارنوا بينها وبين نور الإيمان ونور الهدى النافع والعمل الصالح والتعلق بالله والإعراض عن تلك الخرافات والضلالات ازدادوا حباً في الإيمان ورغبة فيه وحباً لهذا الدين من أعماق قلوبهم حتى صار المسلمون ممن أسلم بعد الفتح نجوماً زاهرة وقادة نصروا الإسلام ونصر الله بهم الدين وأعلى بهم الحق وهدى الله بهم البشرية لأن من تصور الجاهلية على حقيقتها وقارن بينها وبين ما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم عرف الحق على حقيقته والباطل على حقيقته وهذا منبع الأمن الفكري السليم، فالله عز وجل بعث محمداً بدين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، بعثه بالهدى بالعلم النافع وبالعمل الصالح، بعثه ليقيم المجتمع على أسس ثابتة من الاخلاق والقيم والفضائل وليطمس به ظلمات الجاهلية وليغير به العقول والبلاد والقيم بعد ضلالها وجهالتها (قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ). وأشار إلى يسر شريعتنا الإسلامية، التي بنيت على اليسر ورفع الحرج، )وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )، فالنبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله رحمة للعالمين كافة. وأكد ان كل من آمن بالله واتبع وحيه نال السعادة في الدنيا، التي لا تأتي إلا بطاعته عز وجل وطاعة رسوله والعمل بشرعه المطهر، وقد وعد الله الذين آمنوا بالثواب العظيم والرحمة في الآخرة، كما رحمهم في الدنيا بأن وهبهم أمناً فكرياً ومعيشياً (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا(. وبيّن ان من عاش في ظل عدالة الإسلام يأمن على نفسه وماله وعرضه، حيث جاء الإسلام في وقت كانت الملل تعيش حالة من الصراعات المريرة والقتال والتناحر بينها، حيث تحاول كل ملة السيطرة على الأخرى، فجاء الإسلام وآمن الجميع وذلك من رحمة الله لهذه الأمة، قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)، المؤمن في الدنيا آمن في فكره، ومهما مرت به الظروف والأحوال الصعبة إلا انه يعلم ان الفرج قريب وإذا لقي الله فإنه سينال كل خير وسعادة، والأمن الفكري لا يأتي إلا إذا حقق العبد توحيد الله وحقق الإيمان بشريعته وسمع وأطاع لله ولرسوله، وعلم أن ما عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم هو الحق والهدى وعلى المنهج القويم والطريق المستقيم، أما الخشية على الأمة فتأتي من تلوث الأفكار وتغيرها، وذلك حين توجد التصورات الخاطئة والأفكار الهدامة الغريبة على الأمة ومجتمعها وواقعها، تلك الأفكار التي يحاول فرضها على المجتمع أناس امتلأت قلوبهم حقداً على الإسلام وأهله، ولكن أولئك كخفافيش الظلام لا يظهرون ولكنهم يبرمون المؤامرات ويحيكونها لأمتنا وشبابها من وراء الستار، وبكل أسف فقد نجحوا في استخدام بعض أبناء الأمة كجسر لتوصيل أفكارهم الهدامة التي يسعون من خلالها لتغيير اتجاهات شبابنا وليحرفوهم عن سلوكهم ويوقعوهم في البلاء من حيث لا يشعرون. والعداء للدين قديم وليس جديداً، فقد سعى المنافقون من بدايات الإسلام لتدميره وأهله، ولكنه الله حذر المسلمين منهم قال تعالى (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ(. كما حذر سماحته في رده على سؤال أحد الطلاب عن جماعة التكفير وجماعة الإخوان المسلمين والتبليغ وهل تدخل في حديث (افتراق الأمة)، حذر من تشتت الأمة إلى أحزاب وجماعات، حيث إن ذلك مما يفت في عضد الأمة ويجعلها تنقسم على نفسها، حيث إن لكل جماعة وفريق مذهب يؤيدونه دون ما سواه بينما نحن مسلمون نرفض كل ذلك ونؤمن بأن من سلك الصراط المستقيم وهو أخ لنا ومن خرج عنه نبغضه على قدر بعده ونسعى في إصلاحه.
|