ولأنها الممارسة العملية الأولى التي ستتبعها عمليات انتخابية أخرى مكملة لها في مناطق أخرى، لذا يفترض من المثقفين والمفكرين الذين يشتغلون في التحليل السياسي أن يمنحوا مزيداً من الجهد والوقت لتحليل الانتخابات البلدية ونتائجها التي جرت في منطقة الرياض والتي تعد ترجمة للحراك الشعبي المتفاعل مع خطوات الإصلاح التي انتهجتها القيادة السعودية وتجاوب مع الشعب السعودي. وإذا كنا قد تحدثنا فيما سبق عن الانتخابات وعلاقتها بالإصلاح والديمقراطية وتكلمنا عن المصطلحات والجذور للديمقراطية والانتخابات وأشرنا إشارة سريعة لأبعاد نتائج انتخابات مدينة الرياض فإن المراقب الدقيق لابد وأن ينوه بما أفرزته الانتخابات في المحافظات والمراكز التابعة لمنطقة الرياض التي نتج عنها توليفة عكست وإلى حدٍ كبير ترتيبات مجتمع المحافظات والمراكز وأرضت نتائجها الجميع، لأنها أوصلت ممثلين من مختلف الشرائح والفئات. أما في مدينة الرياض فيمكن القول: إن الفائزين السبعة يمثلون لائحة انتخابية واحدة، لم يعلن عنها أثناء الحملات الاعلامية الانتخابية بصورة واضحة تخوفا من الطعون الانتخابية إلى أن تناقلته مواقع الإنترنت لهذه القائمة والتزكيات التي صدرت من بعض علماء الدين شكلت دعما قويا لما تناقلته المواقع الالكترونية لأسماء معينة التي ظلت تتكرر قبل يوم الانتخابات لتصل إلى ذروتها في يوم الانتخابات الذي نشرت فيه قائمة بالأسماء السبعة توقعت لها الفوز.. وهو ما تحقق. ولقد أثرت توجهات مواقع الإنترنت وشهادات التزكية التي احتوتها تلك المواقع من رموز دينية مؤثرة على توجهات الناخبين الذين ينتمون لمجتمع متدين يثق كثيراً بنصائح علماء الدين. وبغض النظر عن كفاءة وقدرات الفائزين والخاسرين، فإن هذا العامل يعد تدخلاً لا يعطي تساوياً في الفرص لجمهرة المرشحين فمنهم من حصل على تزكية يثق بها جمهور الناخبين في حين حُرم منها الآخرون، رغم أنهم من أبناء هذا المجتمع المتدين، ويتصفون بخبرات وقدرات علمية أثبتوا نجاحاً وتفوقاً فيما يقومون به من أعمال سواء في مجال الخدمة العامة الحكومية، أو في مجال القطاع الخاص.
|