أبناء منطقة الرياض على موعد يوم غد الخميس، غرّة شهر محرم الحرام عام 1426هـ، مع الانتخابات لاختيار نصف أعضاء المجلس البلدي لكل مدينة من مدن المنطقة. وإحساساً بالواجب رغبت أن أسهم بالمشاركة بالسطور الآتية: 1- هناك فرق بين (التذكير) و (التعليم)؛ فالإنسان يتعلم ما يجهل، ويتذكر ما كان يعلم. وهذا المقال يقع في دائرة النوع الثاني؛ أي: هو تذكير لا تعليم، والذكرى كما (تنفع المؤمنين) تنفع مَنْ (كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد). 2- انتخابات المجالس البلدية تجربة جديدة في هذا البلد الكريم، وهي تجربة مفيدة إن شاء الله، وفرصة طيبة يجب أن يُحسن المواطنون الاستفادة منها.. وكنت قد سعيت في حث الإخوة المواطنين على التسجيل للانتخاب لأني أجزم أن الانتخابات النزيهة هي وسيلة من أنجع الوسائل للمشاركة في صنع القرار؛ شريطة أن يسود الوعي بين الناخبين، والإخلاص بين المرشحين، وليس هناك ما هو أقرب للناس من القضايا المحلية الخاصة بمدينتهم، والتي يعايشونها في كل يوم: شوارعها، ومشاريعها، ومرافقها العامة،وشؤونها الصحية، وأسعار الخدمات، وما تقدمه كل بلدية للمواطنين، والقواعد والشروط المتعلقة بالتخطيط والتنظيم، وما ينبغي توافره في الأحياء... وما إلى ذلك مما جاء في (مهمات المجالس البلدية) المنصوص عليها نظاماً، إذ إن (أهل مكة أدرى بشعابها)- كما جاء في المثل- والمجلس البلدي، وأعضاؤه من أهل المدينة، أدرى بمصالحهم والصالح لهم. واليوم تتجدد الرغبة عندي في حث إخواني جميعاً الذين سجلوا أسماءهم، وحصلوا على البطاقة الانتخابية أن يسارعوا إلى الانتخاب. 3- ما أجمل أن ينسى (الناخبُ): العواطف، والصداقات، وصلات القرابة، وروابط القبيلة، واعتبارات الإقليم، ولا يؤخذ بمظاهر الدعايات والإعلانات، ويكون معياره الأول في الاختيار إخلاص المرشح وقدرته، أي: أمانته وقوته، فينتخب الرجل المناسب الذي يرجو أن يقوم بأعباء وظيفته خير قيام، والذي لن يستخدم المنصب لمصلحته الشخصية، أو لتسهيل معاملات أهله وذويه وأبناء بلده، بل يضع المصلحة العامة أولاً، وإن عارضت مصلحته الشخصية. 4- التثبت من صحة المعلومات، والتحقّق من صدق الأخبار، توجيه قرآني حكيم، لذا فمع احترام الناخب لما يقرأ في الدعايات، عليه أن يتأكد من صحّة ما ورد فيها، ثم بعد ذلك عليه أن يكلف نفسه عناء الاستقصاء، والتحري، والموازنة لاختيار المتقدمين، فلا يهمل الفاضل ويصوّت للمفضول. 5- الذي يقع عليه اختيار مواطنيه، وينجح في الانتخاب، قد وضع على صدره وسام تكريم وتشريف وتكليف، فليكن عمله على مستوى الأمل الذي عقد عليه. وما أصعب أن يخيب آمال المؤملين. ورجاء الراجين!! فهو -ابتداءً- مؤمل منه أنه لم يرشح نفسه طلباً لشهرة أو طمعاً في منصب، ولم يشتر أصوات الناس لينتخبوه، إنما المفروض أنه اقتدى بيوسف عليه الصلاة والسلام حينما قال للملك:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}، فيوسف الصديق لم يقل هذا تزكية للنفس، إنما تحملاً لمسؤولية يعجز عنها كثير من الأقوياء. 6- لا بد من أن ينجح بعض المرشحين ويخفق آخرون، هذه سنة من سنن الحياة، فلا يدعونّ الإخفاق إلى اليأس، بل على المخفق أن يتحلّى بالشجاعة الأدبية، وبسلامة الصدر نحو إخوانه، وعليه أن يتخطى ذلك ويقف إلى جانب الناجحين في دائرته الانتخابية، بل مطلوب منه أن يدعم المجلس البلدي بفكره، ورؤاه وعليه أن يتذكر أن الفرص أمامه مواتية في المرات القادمة، ويتلقى النتيجة بروح رياضية. هذه بعض الأفكار التي أحببت أن يشاركني في تأملها إخواني من الناخبين والمنتخبين. والله من وراء القصد.
( * ) وزير التربية والتعليم |