الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد: إن مما أنعم الله به علينا في هذه البلاد المملكة العربية السعودية نعمة العقيدة الصحيحة وتطبيق أحكام الشريعة والاجتماع بعد الشتات والأمن بعد الخوف ورغد العيش بعد الجوع، وغير ذلك من النعم التي لا تحصى. ومن شكر الله تعالى، شكر حماة العقيدة والمطبقين للشريعة والباذلين كل جهودهم في سبيل جمع الكلمة واستتباب الأمن فإن شكر قادة هذه البلاد والدعاء لهم سراً وعلناً بالتوفيق والتأييد والتعاون معهم والسمع والطاعة بالمعروف لهم والحذر من الخروج عليهم، ولو بكلمة واحدة يعد من الدين الذي يدين به المؤمن لربه والحفاظ على هذه العقيدة وعلى أمن هذا البلد الطاهر وعلى دماء المعصومين فيه من المسلمين والمعاهدين والمستأمنين واجب شرعي على الجميع وليس على رجال الأمن فقط ودليل ذلك قوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، وقوله تعالى (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين). إن خطورة أي عمل إرهابي تكمن في أن الإرهاب أصبح يحتل دوراً بارزاً في إدارة الصراعات السياسية سواء على المستوى الداخلي مثلما هو حادث في عدد كبير من بلدان العالم الإسلامي أو على المستوى الدولي حيث يلجأ إليه أطراف النزاع من دول أو منظمات أو أفراد لتحقيق الأهداف السياسية أو التعبير عن موقف ما تجاه قضايا سياسية معينة. ويزيد من خطورة هذه العمليات الإرهابية نوعية الضحايا الذين يسقطون بفعلها، بعكس الحروب التي تحكمها قواعد وأعراف دولية تحد من تأثيرها المدني أما الجرائم الإرهابية فلا تحكمها أي قواعد أو قوانين وهو ما اتضح من عموم ما قام به الإرهابيون من تفجيرات في جميع أنحاء العالم. والإرهاب بكل صوره وأشكاله ودوافعه ترفضه الفطرة الإنسانية السوية كونه جريمة ضد الإنسانية سواء قام به فرد أو جماعة أو دولة وهو وسيلة لا تبررها غاية مهما كانت لكن رغم ذلك فإن تعاظم التأثير السياسي للإرهاب في السنوات الأخيرة في كثير من الدول والمجتمعات ضاعف من حجم الاهتمام بالإرهاب وفي ذات الوقت أغرى أطراف الخلاف السياسي محدودة القوة باللجوء إلى العمليات الإرهابية لتحقيق أهدافها. لذا فإننا نستنتج مما حدث من أعمال إرهابية في كافة أنحاء العالم أن الإرهاب الدولي لا يمثل بدعة أو مستجداً بل يؤكد أنه لا انتماء له وأنه ليس نتاجاً إسلامياً كما حاول الغرب تصويره بعد أحداث (11سبتمبر) لذا فلا مجال لمحاولة وضع هذه التفجيرات التي تعرضت لها الرياض بمعزل عن غيرها من العمليات الإرهابية التي تحدث في أي مكان في العالم. فإذا كان الموقف العام السوي هو رفض الإرهاب نجد أن النخبة السياسية والفكرية تتخذ موقفاً يختلف باختلاف منظورها لطبيعة النشاط الإرهابي ودوافعه فبعضهم يرفض الإرهاب قطعياً ويعمل على محاربته والقضاء عليه وبعضهم الآخر يحاول تبريره انطلاقاً من الالتزام بأيدولوجية سياسية تؤيد العنف كوسيلة للتغيير الاجتماعي والسياسي ويدعي أصحاب هذا الرأي أن الإرهاب له دور في تحرير المجتمعات المضطهدة والمستبعدة من قبل المجتمعات القوية. ساعد على وجود هذا التفاوت أن بعض القوى الكبرى سخرت الإرهاب وبعض المنظمات الإرهابية لتحقيق بعض مصالحها في مناطق عديدة من العالم. في حين أنها عدت مقاومة الاحتلال إرهاباً إذا تعارضت هذه المقاومة مع مصالح هذه القوى كما يحدث في فلسطين حالياً.. وهذه الازدواجية حالت دون وجود تعريف واضح للإرهاب.. وهو ما انعكس على تحديد أسبابه وبالتالي سبل مكافحته وبالتالي فإن تحديد سبل مكافحة الإرهاب مسؤولية كل فرد في مواجهته لا تتم دون معرفة أسبابه ودوافعه بحيث يمكن تشخيص الظاهرة الإرهابية بشكل موضوعي. لهذا فإن الإسلام برئ من هذه الأفعال الإجرامية لأن الإسلام يحرم القتل ويحرم الاعتداء على الأرواح والأنفس والممتلكات لقوله تعالى (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً). فما حدث من أعمال إرهابية كشف لنا أن هؤلاء الخارجين على أوامر الله إنما يعطون الفرص لأعداء الإسلام للتربص به ووصفه بدين العنف والإرهاب مع أن الإسلام برئ منهم وهو دين الوسطية السمحة. فأمثال هؤلاء لا يخدمون الدين في شيء وإنما هم أعداء لدينهم وأوطانهم لأنهم يروعون الآمنين وبهذه الأعمال الإجرامية التي تسيء إلى الإسلام وتشوه صورته البراقة تأتي متناقضة مع التعاليم التي جاء بها من الرحمة والتآخي. فإن كل مسلم يشعر بالحزن والألم وتثور في نفسه مشاعر الغضب لما تعرضت له الرياض من أعمال واعتداء إجرامي فإن ذلك يخدم الإسلام في شيء فما أقدم عليه الخارجون من تصرفات إنما هم ممن تعرضوا لإغراءات وخديعة من قبل أعداء الأمة العربية والإسلامية الحقة فكانوا سلاحاً ضد أمتهم وأهلهم فما قاموا به من عمليات إجرامية أساءت إلى أمتهم قبل أن تسيء إلى أعدائهم فإذا وضعت اليد على الفاعل الحقيقي الذي يقف وراء كل هذه الأعمال الإجرامية فإن الأمر يوضح الكثير من الحقائق التي يجب علينا أن نعرفها لنتأكد عن من هو المستفيد من ضرب وطننا الغالي لا قدر الله في هذا الوقت خاصة. فالتدين الصحيح السليم هو إقامة حصانات وضوابط لبقاء النفس على طبيعتها النقية وفطرتها الأصيلة، فالتطرف في الفكر أو العقيدة أو السلوك سواء كان على مستوى الفرد أو الجماعات لا تجني البشرية من ورائه إلا القلق والاضطرابات والتخلف والضعف والخراب والدمار.
|