مرة أخرى تقف المملكة شامخة وسط هذا العدد الكبير من الدول التي جاءت استجابتها للمشاركة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب تعبيراً عن تأييدها للمملكة في وجه الإرهاب، وتقديراً لما بذلته من جهود كبيرة لمكافحته.. إن مشاركة أكثر من (60) دولة ومنظمة دولية وإقليمية من كافة أنحاء العالم في المؤتمر تعد اعترافاً بالدور الريادي للمملكة على الساحة الدولية. هذا الدور الذي يتجدد بالرغم من كل الحملات والاتهامات التي تعرضت لها. لقد كانت المملكة - ولا زالت - سباقة في التنبيه لخطر الإرهاب حين تبنت قبل هجمات سبتمبر بسنوات طويلة الدعوة الى توقيع معاهدة عربية لمكافحة الارهاب، كما كان لها دور قيادي في توقيع منظمة المؤتمر الإسلامي معاهدة مماثلة لمكافحة الارهاب عام 1999م، بالاضافة الى تحرك مستمر في محافل إقليمية ودولية لتوحيد الجهود للوقوف في وجه الإرهاب الذي لا يقتصر خطره على منطقة أو اقليم بل أصبح ظاهرة عالمية تستوجب تعاون كافة الدول وتضافر جهود المؤسسات الدولية. وبعد أن تعرضت لأعمال التخريب والتدمير استطاعت المملكة وفي وقت قياسي أن تحاصر التنظيمات الإرهابية وتوجه ضربات موجعة لقواعدها. وقد انتهجت في ذلك سياسة اعتمدت الحكمة واتخذت منهجاً جمع بين قوة وصلابة الموقف الذي لا يساوم على أمن الوطن واستقراره من جهة، وليونة وانسانية التعامل مع من اتضح أنهم ضحايا تغرير من المتورطين الذين وظفتهم قوى الشر والظلام لأهداف مشبوهة لتنال من أقدس بقاع الأرض. هذه الإستراتيجية المتميزة تأسست على توفيق وعون من الله ثم على جهود كفاءات رجال الأمن في كافة القطاعات، إضافة إلى تضامن شعبي عبرت من خلاله شرائح المجتمع عن رفضها للإرهاب والتخريب.. وفي الوقت الذي تصدى البواسل من رجال الأمن للمخربين استمرت سواعد البناء في تعميق وتعزيز مسيرة التنمية مستفيدة مما تحقق للمملكة من فوائض مالية استثمرتها في التطوير والتشييد في كافة أرجاء الوطن، وبالرغم من مواجهة الإرهاب استطاعت المملكة في الوقت ذاته تحقيق نجاحات اقتصادية تتعدد شواهدها، ولعل أبرزها ما صدر قبل أيام عن البنك الدولي من تقرير يضع الاقتصاد السعودي بين أقوى عشرين اقتصاداً عالمياً.. هذه الشهادة من مؤسسة دولية ذات مكانة واحترام تكفي لتكشف للعالم أن المملكة صخرة تتحطم عليها قوى الشر وتتهاوى أمامها مخططات الأعداء وعلى هذه الأرضية الصلبة جاءت الدعوة الى عقد هذا المؤتمر الدولي بهدف جمع خبرات العالم للبحث في سبل مكافحة الإرهاب وتوحيد الجهود ضده.. بالاضافة الى ما يوفره المؤتمر من منتدى لهؤلاء الخبراء للبحث والنقاش وتبادل الخبرات؛ فهو كذلك فرصة لهم للتعرف على المملكة والمجتمع السعودي عن قرب بعيداً عن كل محاولات التشويه والإساءة. إن انعقاد هذا المؤتمر يعد رسالة من قلب العالم الاسلامي إلى العالم أجمع بأن الإسلام والمسلمين براء من الإرهاب ودعاوى التخريب. أدعو الله العلي القدير التوفيق لكافة المشاركين في المؤتمر وأن يسدد الخطى ويحمي المملكة من شر الأعداء.
(*) مساعد وزير الثقافة والإعلام |