كثيرة هي المؤتمرات الدولية والإقليمية التي عُقدت لمناقشة مشكلة الإرهاب وبحث سبل مواجهتها، إلا أن المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي اختتم أمس في الرياض واحد من المؤتمرات النادرة والقليلة التي حقَّقت نتائج إيجابية وإضافات عملية وعلمية للجهد الدولي لمحاربة هذه الآفة التي استشرت وابتلي بها الجميع. وقد أبرزت القرارات التي أقرتها الجمعية العامة للمؤتمر الجهد المبذول في هذا المؤتمر الذي كانت سمته الأساسية البحث العلمي الجاد والبعد عن الصخب الإعلامي الذي كان يطغى على المؤتمرات السابقة والتي عادة ما ينحصر اهتمامها في الخطب التي يلقيها رؤوس الوفود. في مؤتمر الرياض غابت الخطب والكلمات، وحتى الكلمات التي ألقيت فقد تضمنت أفكاراً ومقترحات ومنهاج عمل كالتي حوتها كلمة الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز الذي طالب بابتعاد المؤتمر عن التورط كما (المؤتمرات السابقة) في الانحدار إلى فخ الخلافات بسبب تباين وجهات النظر في التعريفات والتفاصيل الصغيرة، وتحصين المؤتمر من هذا (الفخ) الذي نجح منظمو المؤتمر في تجنبه فوَّت الفرصة على الإرهابيين من الاستفادة من الانقسام في الرأي والمعالجة، وبالتالي تحقيق غاياتهم في جعل العالم ميدان صراع لا ينتهي. ولعل الابتعاد عن الصغائر والاهتمام بالبحث العلمي الجاد جعل المؤتمر ينجز كل هذا الكم من القرارات التي بلغت توصياتها خمساً وخمسين توصية تحوَّلت إلى قرارات، منها ست عشرة توصية من المجموعة المعنية ببحث جذور الإرهاب وثقافته وفكره والتي عقدت ثلاث ورشات عمل. أما اللجنة المعنية ببحث علاقة الإرهاب وغسيل الأموال وتجارة الأسلحة وتهريب المخدرات والتي عقدت ثلاث ورشات عمل أيضاً فقد قدَّم الخبراء والمختصون الذين شاركوا في أعمالها تسع توصيات، وهو نفس العدد من التوصيات التي قدَّمتها اللجنة المعنية بتجارب الدول في مكافحة الإرهاب. أما اللجنة المعنية ببحث التنظيمات الإرهابية وتشكيلاتها فقدَّمت إحدى وعشرين توصية. مجموعات العمل التي أنجزت كل هذه التوصيات التي كانت أساساً للقرارات المهمة التي أصدرها المؤتمر، تؤكِّد أن مؤتمر الرياض كان مؤتمر إنتاج وبحث وعمل حقَّق في وقت قياسي إنجازاً مهماً سيرفد الجهد الدولي في حربه ضد الإرهاب، وهو ما يشكِّل إسهاماً سعودياً جاداً لخدمة البشرية.
|