Wednesday 26th January,200511808العددالاربعاء 16 ,ذو الحجة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "منوعـات"

وتاليتهاوتاليتها
هند آل خثيلة

استفاق العالم على أعنف زلزال ضرب جنوب شرق آسيا، بل ضرب العالم كله، وتركه يتخبط في وجوم وذهول، لم يعشه من قبل في العصر الحديث، ولم يقرأ عنه في التاريخ القريب.
زلزال جنوب آسيا زلزل العالم، بيوتاً وقلوباً وضمائر، ولم يشهد العالم منذ عقود عديدة مثل هذا الدمار والقتل للبشر والحيوان والشجر والحجر والأثر!.. هزة واحدة، لم تستغرق سوى عدة ثوانٍ، جعلت مئات الألوف يغرقون في الموت، وأضعافهم يغرقون في الجروح، والملايين يغرقون في اليتم والتشرد والضياع، وجعلت المليارات في العالم تراجع حساباتها بشكل أدق، وبضمير أوعى، وبخوف أكبر.
(تسونامي) لم يشفق على أحد، ولم يستثن شيئاً، تسلل من الغفلة، فأصاب الجميع في مقتل، ولم يستطع أحد أن يدفع عنه (تسونامي) لا بيديه، ولا ببندقيته، ولا بدباباته وطائراته، وصواريخه! حتى الأسلحة النووية لم تستطع أن تفعل لأصحابها شيئاً، بل إنّ أصحابها، والعالم كله تنفسوا الصعداء، عندما سلمت تلك الأسلحة من مخالب (تسونامي)، وتراكضت وكالات الاستخبارات العالمية على الاطمئنان على مخابئ أسلحة الدمار الشامل الهندية، وأوردت وكالة الأنباء الهندية صورة أحد المفاعلات النووية، وخبراً يطمئن الجميع، وينفي أن يكون (تسونامي) قد تسلل إلى تلك الأسلحة!.
أول ما طفا على سطح عقول قادة المناطق المنكوبة من حول (سومطرة) الذبيحة، هو أنه لا بد من العمل وبسرعة على إيجاد نظام إنذار مبكر لمثل هذه الكوارث، ذلك النظام الذي يمكن به تحاشي، أو تخفيف الخسائر الهائلة المرشحة جراءها!!.. فلماذا لم يفكر هؤلاء قبل أن (تغور الفاس في الراس) ويضعوا ذلك النظام، خاصة وأن تكلفته لا تزيد كثيراً عن إقامة ملهى ليليٍّ فارهٍ، إذ لا تتجاوز تكاليف إقامة جهاز إنذار مبكر يخبر عن الزلازل والكوارث الطبيعية، قبيل وقوعها أكثر من عشرين مليون دولار؟! أم كان لا بد من موت مئات الألوف، وهلاك الحرث والنسل في مدن وقرى بأكملها، حتى تتوجه النوايا إلى مثل هذه الخطوة الضرورية؟!.
ولعلنا في الوطن العربي بوجه عام، وفي مجلس التعاون بشكل خاص، قد وعينا الدرس جيداً، وأخذنا من العبّر ما يكفي لكي نبادر إلى عمل جماعي يحمينا من مثل هذه الكوارث، خاصة وأنّ دقائق قليلة قبيل وقوع الكارثة تكفي لتكون الخسائر أقل بكثير، وهو ما يجب أن يدفعنا على الحيطة التي أُمرنا بها: (اعقلها ثمّ توكّل)!!.
إنّ الوقوف إلى جانب أولئك المصابين في جنوب شرق آسيا واجب تفرضه الإنسانية، ويلزمنا به ديننا السمح، وتدفعنا إليه ضمائرنا الحيّة التي تعودت الوقوف إلى جانب المصابين، وإغاثة الملهوفين، الذين وقعوا ضحية العجز وسوء التقدير، وقضوا، أو جرحوا وشرّدوا نتيجة الركون إلى الدعة، وعدم الاستعداد.
إنّ ما حدث في جنوب شرق آسيا يكفي لأنْ يراجع المتجبرون أنفسهم، ليكتشفوا كم هم ضعاف أمام جبروت الله، وكم هم صغار أمام قدرة الخالق عزّ وجلّ.. فهل سنرى في الأيام القليلة المقبلة مواقف عادلة من القوى المسيطرة، فتقف إلى جانب الحقِّ، وتحول بين الباطل ومآربه؟! أم سينسى هؤلاء، ويستمروا في ظلمهم وغوايتهم، وسوء تقديرهم، بينما (تسونامي) لا ينسى ولا ينام، وقدرة ربك فوقهم جميعا؟!!! ............. وتاليتها ؟!.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved