نستكمل في هذه الحلقة ما شرعنا به في الحلقة الماضية من القراءة في الكتب والدراسات التراثية التي حفل بها المعرض الدولي للكتاب، الذي عقد في رحاب جامعة الملك سعود بمدينة الرياض. ج - الرحلات: 1- رحلة مُطْراقي زادة، لنصوح أفندي السلاحي المشهور ب(مطراقي زاده) توفي بعد 958ه، ترجمة: صبحي ناظم توفيق، تحقيق د. عماد عبدالسلام رؤوف، 94ص، إصدارات المجمع الثقافي في أبوظبي، 1424ه: وهذا الكتاب وصف للحملة التي قادها السلطان العثماني سليمان القانوني سنة 941هـ لفتح العراق، والتي انطلقت من القسطنطينية، ومرت بتبريز ثم بغداد فالحلة فالنجف فكربلاء. ونظراً لما كان يتمتع به المؤلف من البراعة في التأليف والرسم، فقد كلف بتسجيل وقائع الحملات التي شارك فيها، وتزيينها بالصور الملونة للمدن التي يمر بها الجيش، وهذا ما هو موجود أمامنا في هذا الكتاب، ومع أن هذه الرحلة تعد وثيقة رسمية عثمانية إلا أن المعلومات التأريخية فيها قليلة، كما أنها تركز على أفعال السلطان العثماني الشخصية أكثر من الحديث عن المدن وأهلها. 2- مسيحي في مكة (علي باي العباسي)، رامون مايراتا، ترجمة رفعت عطفة، 325 ص، دمشق، ورد للطباعة والنشر، ط1، 1999م: وهي رواية لرحلة (دومينغو باديّا) المتسمّى ب(علي باي العباسي) الذي ولد تقريباً عام 1181ه في إسبانيا ونشأ بها، ثم دخل طنجة بالمغرب عام 1218ه مدعياً أن اسمه (علي باي)، وقوبل بتقدير من سلاطينها، حيث كان يدعي معرفة النجوم، ثم رحل عن طريق البر ماراً بعدد من المدن والجزر حتى وصل مصر، ومن السويس ركب البحر حتى وصل جدة، ثم دخل مكة التقى الشريف غالب الذي - كما يدعي علي باي - أو عز لمن يدس السم له، لكنه كان حذراً فنجا، وأجمل ما في الكتاب وصفه موكب حج الإمام سعود بن عبدالعزيز (سعود الكبير) عام 1221ه والذي بلغ 5 آلاف معتمر، ثم وقوف ثمانين ألف رجل يتقدمهم الإمام سعود في خمسة وأربعين ألفاً وأمامه مائتا فارس، وبعد ذلك يعود (علي باي) إلى الشام ماراً بمصر، ومنها إلى استانبول فرومانيا فالنمسا ثم باريس فمدريد لتنتهي رحلته هناك. 3- رحلة إلى العربية السعيدة عبر المحيط الشرقي ومضايق البحر الأحمر، تأليف دي لارك، ترجمة صالح محمد علي، مراجعة وتنقيح: كامل يوسف حسين، 214ص، المجمع الثقافي في أبوظبي، 1420هـ. وهذه الرحلة تعد من أوائل رحلات الغربيين لبلاد اليمن، قام بها الفرنسي دي لارك عام 1121هـ تقريباً، حيث تمكن من مقابلة إمامها ووصف شجرة البنّ، إذ انطلقت سفينته الضخمة من فرنسا، ومرت عن طريق رأس الرجاء الصالح، ثم اتجهت شمالاً إلى بلاد اليمن، وقد شملت رحلته وصف المخا وعدن، وتطرق للحديث عن أشراف مكة وإمارتهم، كما عقد فصلاً كاملاً عن شجرة البن والتجارة بها، حيث كانت هي السبب الرئيس للرحلة. 4- رحلة في الجزيرة العربية الوسطى (1278-1882م) (الحماد، شمر، القصيم، الحجاز)، شارل هوبر، ترجمة اليسار سعادة، 166ص، بيروت، دار كتب، 2003م: وهي رحلة قام بها الرحالة الفرنسي (هوبر) - مكتشف حجر تيماء الشهير - لشمال المملكة ووسطها، وكانت في أول القرن الرابع عشر، حيث انطلق من قرية (كاف) إلى الجوف، ثم قطع النفود إلى (جبة) فحائل، ثم دخل قرية (عقدة) الحصينة التي التقى فيها الأمير محمد بن رشيد، ثم طاف القصيم بمدنه المختلفة فقصيبة فالكهفة ثم الحجاز، حيث وصل تيماء ومدائن صالح والعلا وخيبر والحائط، ثم رجع إلى حائل فبغداد، ليرجع إلى دمشق عبر صحراء الحماد.. ويتميز كاتبها بالدقة في الإحصاءات سواء لعدد السكان، أم لقياس عمق الآبار، ويوجد في الكتاب نقل واضح لكثير من النقوش والكتابات القديمة التي وجدها في مواقع مختلفة. د - المذكرات التاريخية: 1- حرب الصحراء (غارات الإخوان - الوهابيين - على العراق)، جون غلوب باشا ترجمة : صادق عبدالركابي، 464ص، عمّان، الدار الأهلية، 1425هـ. ويلاحظ أن ترجمة هذا الكتاب غير دقيقة وخاطئة في كثير من الأحيان كأسماء الأعلام والقبائل والمواضع والمعارك، فليس للمترجم أي خلفية عن ذلك، لكن تبقى أهمية الكتاب في المعلومات التي يدلي بها القائد (أبو حنيك) حول المنازعات الحدودية بين قبائل الإخوان ومستعمرات البريطانيين في العراق، ويسجّل في هذه المذكرات تفاصيل لقائه مع الملك عبدالعزيز في جدة، كما يرصد تاريخ الإخوان كقائد عسكري شاهد فترة الأربعينيات الهجرية حتى نهاية حركة الإخوان ومؤتمر (خباري وضحا). 2- مذكرات غلوب باشا (حياتي في المشرق العربي)، ترجمة عبدالرحمن الشيخ، 401 ص، عمّان، الأهلية للنشر والتوزيع، ط1، 2002م: وهذه المذكرات سيرة شخصية لغلوب باشا - صاحب المذكرات السابقة - وهو المعروف عند البادية ب(أبو حنيك)، وهو قائد عسكري للقوات المستعمرة البريطانية في العراق، ثم في الأردن، وتطرّق في سيرته لعلاقة هذين البلدين بالمملكة وقت تأسيسها، وعن هجمات الإخوان المتكررة على العراق. 3- ليس سهلاً أن تكون ملكاً (سيرة ذاتية)، كتبها بالإنجليزية الملك حسين بن طلال ملك الأردن الراحل، وترجمها هشام عبدالله، وراجعها: عواج علي 227ص: وهذه المذكرات كتبها الملك حسين حين كان عمره 26 عاماً تحدث فيها عن نشأة مملكة الأردن، وحاول تسليط الضوء على حياة جده الشريف عبدالله بن الحسين، وعلاقته به حتى تتويجه ملكاً، والحروب العسكرية التي شاهدها عن قرب، ونظرته للحياة ولعائلته وللأردن، وعن دراسته في مصر والمغرب. وأعظم ما ميّز هذه المذكرات أسلوبها الشيق الجميل المنظم، والذي يشد القارئ لمزيد من المعلومات. هـ - كتب الأنساب العربية: 1- البدو، تأليف ماكس فرايهير أو بنهايم (1826 - 1964م)، أرش برونيلش، وفرنر كاسكل، تحقيق وتقديم ماجد شُّبر، من إصدارات دار الوراق للنشر في لندن، 1425هـ، يتكون من 4 مجلدات والخامس مشجرات للأنساب وخرائط لتوزيع القبائل.وهذا الكتاب يعد موسوعة ضخمة للقبائل العربية الحديثة تأريخاً وأنساباً وعادات وتقاليداً، وله عناية بالأمورالاجتماعية وأوسام الإبل. وخلال اطلاعي على كتب الأنساب العربية الحديثة، لم أرَ من سبقه في وقته لمثل هذا العمل الذي يعد نتيجة أبحاث ابتدأت منذ الحرب العالمية الأولى واستمرت أربعين عاماً.. لذلك - ومع أنه أجنبي - فقد وفق في رفع كثير من القبائل الحديثة إلى أصولها العربية القديمة، وكان في ذكره للقبيلة يسرد لها السرد التاريخي من المصادر العربية للتاريخ الإسلامي، بل ويحاول تحقيق تلك الأحداث والمقارنة بينها. وقد استعان المؤلف بكتب الرحالة عبدالله فلبي وأبحاثه، وأيضاً استفاد من بعض التقارير التي جمعها (لوريمر) وغيره من كتب الرحالة الأجانب، مدعماً كتابه بصور لبعض القادة، وخرائط لتوزيع القبائل ومشجرات للأنساب.وأشير إلى أن هناك ملاحظات على النتائج التي توصل لها مؤلف الكتاب، وعلى بعض الهوامش التي أضافها المحقق، كما يلاحظ أن بحوث المؤلف كانت دقيقة وموثقة في قبائل العراق والشام، لكنها تقل دقة كلما توغل في شمال الجزيرة أو وسطها، ومع ذلك فترجمة هذا الكتاب تعد خدمة لا تقدر بثمن للنسابة والباحثين. 2- العشائر الزبيدية في العراق ومتفرعاتها والملحقة بها، جميل إبراهيم حبيب، دمشق، دار الطليعة الجديدة، ط، 2002م.وقد تطرّق لفروع عشائر الجبور والجنابيين والدليم والعبيد، والجحيش.. إلخ. والكتاب موثق بمصادر معروفة، وتنظيمه جيد، ويقدم المعلومة مختصرة بواقعية وعلمية. 3- الإشراف في معرفة المعنيين بتدوين أنساب الأشراف (أهل الحجاز)، الشريف إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير، 399ص، ط1، 1421هـ، بيروت، مؤسسة الريان.وهذا كتاب يعني بتراجم وآثار المهتمين بأنساب الأشراف في الحجاز، ويزين الكتاب عدد من المشجرات الملونة لعوائل الأشراف، كما يضم وثائق وشهادات ومراسلات. وقد وضعت فهارس للتراجم والقبائل في آخر الكتاب. 4- الإيضاح والتبيين للأوهام الواردة في كتاب (طبقات النسابين)، ويليه مستدرك بعض من فاته من النسابين، محمد بن عبدالله بن عبيد آل رشيد، 384ص، بيروت، الدار العربية للموسوعات، ط1، 1425هـ.وقد جمع مؤلف هذا الكتاب ملحوظات وتصحيحات واستدراكات كثيرة على كتاب (طبقات النسّابين)، لعضو هيئة كبار العلماء فضيلة الدكتور بكر بن عبدالله أبو زيد - حفظه الله - وكما أن كتاب الشيخ بكر أبوزيد مهم وضروري لأي نسابة وباحث في هذا العلم، فأيضاً هذا الكتاب يعد مهماً ومكملاً للطبقات ومستدركاً عليها، ولا غنى له عنها.وأخيراً أرجو أن أكون قد وفقت في عرض هذه الكتب والتعريف بها، وأن أقدم فائدة للقراء والمهتمين. كما أتمنى أن يأتي الوقت الذي يقام فيه معرض الرياض الدولي للكتاب كل عام أسوة بمعارض الكتاب السنوية في الدول الخليجية والعربية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|