انتخابات الرئاسة الفلسطينية

... وحلّ الموعد الذي انتظره الفلسطينيون وغير الفلسطينيين ممّن يفترض أنهم شركاؤهم في مسيرة السلام في الشرق الأوسط؛ إذ تجري اليوم انتخابات الرئاسة الفلسطينية التي يأمل شركاء مسيرة السلام أن تفرز طرفاً فلسطينياً مقبولاً من قِبل هؤلاء الشركاء لاستئناف العملية التفاوضية.
الفلسطينيون الذين انتظروا هذا اليوم أيضاً يأملون أن تبرز قيادة تملأ الفراغ الذي تركه رحيل الرمز الفلسطيني ياسر عرفات.. هذا الرحيل جسد الحالة المأساوية للشعب الفلسطيني، وكتب الفصل الأخير لرحلة نضالية لقائد لا يمكن أن يعوّض؛ ولهذا فإن رغبات الطرفين وآمالهما متباينة ومختلفة، بين شركاء ما يسمّى عملية السلام، وأصحاب القضية.
شركاء عملية السلام يريدون أن تفرز انتخابات الرئاسة الفلسطينية زعيماً فلسطينياً مرناً يحقق ما يطلبه منه الشركاء لإنجاز سلام يتوافق مع الرغبات الإسرائيلية، دون أن يتحقق الحدّ الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني الذي دفع آلاف الشهداء، وقدّم التضحيات الجسام.
رغبات شركاء السلام التي رفضها ياسر عرفات؛ فوُضع في الحجز ثلاثة أعوام انتهت بمأساة جسّدت الحالة الفلسطينية الراهنة.. هذه الرغبات يراد لها أن تتحقق عبر انتخابات الرئاسة الفلسطينية التي تتم وفق الأساليب الديمقراطية الغربية؛ حيث تقاطر المراقبون من جميع الديمقراطيات الغربية والشرقية يقودهم أمريكيّ هو الرئيس الأمريكيّ الأسبق جيمي كارتر، وأوروبيّ هو خافيير سولانا، إضافة إلى وفود برلمانية أوروبية وصينية وروسية وعربية.
رغبة شركاء السلام هذه تصطدم بالفعل والطموح الفلسطينييْن؛ فهذه الانتخابات التي يقول عنها معارضوها إنها مفصّلة على (مقاس) محمود عباس (أبو مازن) رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لرغبة دولية وإقليمية وإسرائيلية بأن يكون وحده ولا غيره الفائز بها، هذه الانتخابات - ومهما كان الفائز بها - لا يمكن أن تتجاوز تراث ياسر عرفات الذي يجسد مسيرة نضالية وكفاح شعب يعرف ماذا يريد، ولا يمكن لأيّ زعيم فلسطيني منتخب جديد أن يدير ظهره لشعبه لإرضاء رغبات أطراف أخرى، حتى وإن ادّعوا شراكته في مسيرة السلام؛ فالشريك الحقيقيّ يجب أن يكون منصفاً ونزيهاً، سواء فاز محمود عباس أو مصطفى البرغوثي أو أيّ فلسطيني آخر؛ فإنه لن يفرط في الحقوق الشرعية الفلسطينية، حتى وإن فرض عليه؛ لأنه بكلّ بساطة لا يستطيع أن يفعل ذلك لاعتبارات عديدة يعرفها تماماً شركاء السلام الذين لا يريدون للسلام أن يتحقق!