Sunday 9th January,200511791العددالأحد 28 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "شعر"

فَتَّشْتُ في قلبي فلم أَجِدِ
إلاّكِ قنديلاً يُضيءُ غَدي
وَفَحَصْتُ ذاكرتي.. أفاتنةٌ
أُخرى يُنادِمُ طَيْفَها خَلَدي؟
وَنَخَلْتُ حنجرتي لعلَّ بها
بعضَ الصَّدى من (هِنْدَ) أو (دَعَدِ)
فَوَجَدْتُها تشدو لِيُثْمِلَها
ما فيكِ من طيبٍ ومن غَيَدِ (1)
وَوَجَدْتُني من دونِها شَفَةً
خرساءَ.. أو جفناً إلى رَمَدِ
فكأنَّما الأرحامُ قد عَقُمَتْ
مِنْ بعد مَنْ أهوى فلم تَلِدِ
ما أنتِ؟ قوليها علانيةً..
هلاّ أَجَبْتِ سؤالَ مُفْتَأَدِ؟ (2)
أنساكِ؟ حاشى.. عهدَ مُحْتَنِفٍ (3)
أهواكِ ما عَمَّرْتُ من أَمَدِ
تبقينَ ما ظَلَّ الفوادُ على
دينِ العظيمِ الواحدِ الأحدِ
جَسَدِي؟ رَمَيْتُ بهِ إلى جَدَثٍ
يمشي معي.. لا تحذري جَسَدي
فأنا بَخورُكِ يا مُبَشِّرَةً
بِعَفافِ مسنودٍ إلى عَمَدِ
وأنا صَدَاكِ.. كَتَمْتُ حَشْرَجَتي
وَغَدَوْتُ رَجْعَ صُداحِكِ الغَرِدِ
شُلَّتْ إذا نَسَجَتْ لفاتنةٍ
أخرى مناديلَ الهيامِ يَدي
وَتَهَشَّمَتْ مرآةُ مُقْلَتِها
عَيْني إذا تُغْوى بِمُنْتَهِدِ (4)
ما حُجّتي يومَ الحسابِ إذا
شَهدَتْ عليَّ بِنَكْثِها عُهُدي؟
أَوَلَسْتُ من أدى يمينَ هُدىً
جَهْراً وأَشْهَدَ عِزَّةَ الصَّمَدِ ؟
أَنْ لا يُبَايِعَ غَيْرَ مُفْطِمِهِ
وَسَرَابِهِ وِرْداً لِثَغْرِ صَدي؟
ولقد ظَمِئْتُ وكنتُ في غُدُرٍ (5)
فشربتُ نيراني... ولم أرِدِ
قَنَعَتْ بِصابِكِ - غيرَ آسفةِ -
شَفَتي.. فيا صابَ الحبيبِ زِدِ
لكِ في فمي كأسٌ ومائدةٌ
لا تَبْخَلَنَّ بِدَوْرَقٍ... فَجُدِ
وَرَضَيْتُ من بحرٍ صَبَوْتُ إلى
مرجانِهِ الضَوئيِّ بالزَبَدِ !!
ما حيلتي؟ فَلَقَدْ خُلِقْتُ إلى
سوطِ الهمومِ وَمِدْيَةِ النكدِ
للموحشاتِ أكنتُ مغترباً
دامي الخطى... أو كنتُ في بَلَدي
للموتِ يجفوني فأَتْبَعُهُ
أَمَلاً بِعَطْفِكِ يومَ مُلْتَحَدي (6)
أنا (قَيْسُكِ) المطرودُ... خيمتُهُ
بينَ الخيامِ يتيمةُ الوَتَدِ !

***


يا حُزْنَ ماضي العمرِ يا أَبَتي
يا صَبْرَ باقي العمرِ يا وَلَدي
رِفْقاً بِعُكّازي فَقَدْ وَهُنَتْ
ساقي.. وأحداقي بلا مَدَدِ
أَسْرَفْتَ في إذلالِ نَخْلَتِهِ
فارفقْ به يا حزنُ واقْتَصِدِ
جِئْني بها صَحْواً لِتُوْقِظَ بيْ
طفلَ المُنى فَيَشُدَّ من عَضُدي
عطفاً عليَّ وطاعةً ... فَلَكَمْ
نادى الرَّسيفُ وليس من أَحَدِ (7)
يا مَنْ أَسَرْتَ غدي أَغِثْ أملي:
إياكَ تُرْخي - آسري - صَفَدي
سَيَضيعُ لو أطْلَقْتَ مُخْتَبلاً
طارَتْ حَمامَتُهُ ولم تَعُدِ
نَثَرَتْ عليه هديلَها فَغفا
طفلاً تُهَدْهِدُهُ يَدُ الرَّغَدِ
وَمَضَتْ فعادَ نزيلَ وَحْشَتِهِ
يمتارُ من جمرٍ ومن كَمَدِ (8)
زهراؤهُ وطنٌ ومئذنةٌ
وحديقةٌ قدسيَّةُ الرَّفَدِ
يَبُسَ الضياءُ على نوافذِهِ
أمّا ظلامُ دروبهِ فَنَدي
فاحْكِمْ عليه وِثاقَهُ حَرَداً (9)
لمزيدِ ترحالٍ بلا سَنَدِ
أنا أنتَ... حَدِّقْ بيْ تَجِدْكَ على
شَفَتيَّ مكتوباً.. وفي كَبِدي
أنا أنتَ... فَتِّشْني تَجِدْ بِدَمي
ما فيكَ من جَمْرٍ ومن بَرَدِ
تَجِدِ (الفراتَ) يسيلُ من مُقَلي
دمعاً فأَشْرَبُهُ على جَلَدِ
تَجِدِ الخرابَ (البابليَّ) على
وجهي وَذُعْرَ العاشقِ (الأكدي)
أنا (بابلٌ) وأنا حرائقُها..
ورمادُها... وشريدُها الأبدي
و(السومريُّ) الطفلُ أَنْسِجُ منْ
عُشْبِ الضفافِ وَزَهْرِها بُرَدي
وأنا (الرصافةُ) باتَ يوحِشُها
جسرُ الهوى حيث الزمانُ رَدِي
وأنا (السماوةُ) حيثُ نَخْلَتُها
سَعَفٌ وَعِذْقٌ غيرُ مُنْتَصِدِ (10)
والمُسْتجيرُ بِبِئْرِ غُرْبَتِهِ
هلاّ مَدَدْتِ إليهِ من مَسَدِ ؟ (11)
إنْ قدْ عُدِمْتِ الحبلَ يُنْقِذُهُ
مُدّي له طوقاً من الرَّشَدِ
هل تسألين الآن كيف أنا؟
أنا في الهوى: بَدَدٌ على بَدَدِ!

(1)الغَيَد: اسم بمعنى النعومة والغنج والرقة. (2) المفتأد: المصاب بفؤاده. (3) المحتنف: المتمسك بالاسلام. (4) المنتهد: الناهد، المنتصب الصدر. (5) غُدُر: جمع غدير. لم أرد: لم أترب. (6) يوم الملتحد: يوم الدفن. (7) الرسيف: السجين المقيد بالأغلال. (8) يمتار: يتزود. (9) حَرَداً: منعاً. (10) البيت كله تضمين غير مباشر للأغنية الشعبية العراقية:
(نخل السماوه يكولْ طرتني سمرَهْ
سعفْ وكربْ ظليتْ ما بيه تمرَهْ)
(11) المسد: الحبل القوي المصنوع من ليف أو قنب.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved