الكل يتوفاه الله.. هذه سنة الله في خلقه.. ولكن هناك مَنْ يموت ويفنى جسمه وتبقى بعده مآثره الحميدة وأعماله الخيرة يتناقلها الناس ويُشاد بها تخليداً لذكراه. وقد كان أبو ناصر عبد الله الوهيبي في حياته مثالاً للشهامة والنبل والكفاءة والقدرة في العمل والكرم في الخلق فقد عرفته وقد كان سابقاً لنا في الدراسة بالجامعة بمصر وكان متفوقاً في دراسته يتمتع بشخصية قوية وقدرات قيادية مما جعل كثيراً منّا يلجأ إليه وقت الحاجة وطلب المشورة. ثم عاد بعد تخرجه إلى المملكة وانضم إلى الرعيل الأول من رجال التعليم الذين كوَّنوا الفريق الذي عمل مع وزير المعارف آنذاك فهد بن عبد العزيز على نشر التعليم وتوطين سياسته ووضع مناهجه وتمديد أهدافه، وتولى عدة مناصب قيادية في الوزارة كانت تزيده تواضعاً ويزيدها قوة وفاعلية. وعندما عدت بعده من مصر شجعني علىالعمل معلماً ثم مفتشاً في التعليم الابتدائي وقد عرفت فيه رجلاً عملياً في القرار الذي يتخذه طموحاً وذا فكر مستقل وجرأة في قول الحق وإبداء الرأي. وبعد أن عاد من دراسته العليا حاصلاً على الدكتوراه انتقل إلى جامعة الملك سعود أميناً عاماً وعمل مع معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر الذي كان مدير الجامعة آنذاك وشاركه في قيادة الجامعة وتطويرها في مراحلها الأولى. وبعدما عدت من دراستي للدكتوراه وكنت مبتعثاً من وزارة المعارف أشار عليَّ بالانتقال إلى الجامعة وأخذني صباح يوم جمعة إلى معالي الدكتور الخويطر في منزله وعرَّفه عليَّ وتم انتقالي إلى الجامعة. آثر أبو ناصر بعد فترة أن يتفرغ للعمل الأكاديمي أستاذاً في كلية الآداب وكان مثالاً للأستاذ الجامعي المحب لطلابه الحريص على تعليمهم إلى أن رغب في التقاعد المبكر وجعل من منزله منتدى لرجال الفكر والأدب ومن مكتبته مصدراً من مصادر المعرفة. أبو ناصر يحب الناس والناس يحبونه فرحمك الله يا أبا ناصر وأسكنك فسيح جناته.
|