Sunday 9th January,200511791العددالأحد 28 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

الوهيبي.. أحد رموز التواضع في مجتمعناالوهيبي.. أحد رموز التواضع في مجتمعنا
علي الشدي

التواضع من الصفات التي نخشى أن تُفْقد في مجتمعنا، ويحل محلها حب المظاهر والتعامل باستعلاء وفوقية مقيتة مع بسطاء الناس، ولذا فإن وسائل الإعلام والكتّاب عليهم مسؤولية ترسيخ مفاهيم التواضع وإبراز الرموز الذين يتصفون بهذه الصفة من كافة شرائح المجتمع، دون حساسية أن يوصف من يثني عليهم بالمنافق أو المجامل، وحتى لا اتهم بالتشاؤم والنظر للمجتمع عبر نظارة سوداء، أقول لا زال في مجتمعنا رغم طفرة المال والمناصب التي رفعت بعض من يفقدون توازنهم في المحافل والمنتديات وخاصة عند الثناء عليهم من المحيطين بهم والمستفيدين منهم، أقول رغم ذلك لا زال مجتمعنا بخير، ولا زال فيه الكثير من المتواضعين، أمراء ووزراء ومسؤولين، وأساتذة جامعات ورجال أعمال، ولا أريد أن أسمي لأن الأسماء كثيرة والقائمة طويلة ولله الحمد، لكن العالم الجليل الدكتور عبدالله بن ناصر الوهيبي الذي فقدناه منذ أيام يعتبر أحد رموز التواضع في مجتمعنا، فهو لا يتقدم إلى المقاعد الأمامية التي يستحقها بجدارة رغم الإلحاح عليه بذلك، وهو في مظهره بسيط وفي حديثه بصوت هادئ ما يقرب الناس البسطاء منه ولعل الصفة التي عرف بها وذكرها بعض الزملاء الكتاب عنه، وهي الضغط على يد من يسلم عليه تهدف إلى ربط قلبه بقلب من يصافحه عن طريق ما يشبه الكهرباء التي تحدث عند الضغط على الأصابع كما يشعر من يصافحه باهتمامه به وإقباله عليه، بعكس من يضع يده في يد المصافح له وينظر إلى شخص آخر.
وعن الجانب الثقافي والعلمي للدكتور الوهيبي تحدث زملاء له من أساتذة الجامعات والأدباء في المملكة وخارجها فأكد كل منهم أن ذلك الشخص قليل الكلام يعتبر من أبرز علماء اللغة العربية والتاريخ والأدب.
رحم الله فقيدنا الكبير الذي قابلته آخر مرة في مجلس عزاء، ولم يدر بخاطري أنني وبعد فترة وجيزة سأقدم إلى مجلس عزاء فيه هو شخصياً، لكن الموت حق والآجال محددة ويبقى العمل الطيب والذكر الحسن وحسن الخلق الذي هو أول ما يوضع في الميزان، وهي من صفات الراحل المتواضع ولا نزكي على الله أحداً.
ويماثل الدكتور عبدالله الوهيبي في التواضع الشيخ صالح الحصين (متعه الله بالصحة ومد في عمره) الذي نُقل عنه أنه قال ذات مرة من أحب الناس إليّ فراش مسن في إحدى الجهات الحكومية لم يتغير كلما قابلته ضغط على يدي وقال: (وشلونك يا صويلح).
وما أحوجنا إلى إحياء هذه السنة الحميدة في زمن ينفش كل طاووس ريشه حتى يحجب عنه رؤية الآخرين ويصبح لا يرى في هذه الدنيا إلا نفسه.
وأخيراً أقترح على خميسية حمد الجاسر التي كان الفقيد من الحريصين دائماً على حضورها جمع ما نشر عنه وإصداره في كتيب توثيقي يليق بهذا العالم الجليل.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved