Sunday 9th January,200511791العددالأحد 28 ,ذو القعدة 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

دفق قلمدفق قلم
أمة العطاء
عبدالرحمن صالح العشماوي

لا نقولها ادعاءً، وإنما نؤكد بها حقيقة هذه الأمة المسلمة التي جعلها الله أمة وسطاً ليكون أبناؤها شهداء على الناس ويكون الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم شهيداً، حقيقة الأمة التي كان رسولها محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام يقود أقوى وأصدق حملات الخير للتبرع للفقراء والمساكين والمحتاجين كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة من سيرته المعطرة عليه الصلاة والسلام.
إنها أمة عطاء، وأمة خير تسعى إلى إجابة داعي الخير في القرآن والسنة لتفريج كرب المكروبين، ودفع الضرر عن المتضررين، وسد حاجات المحتاجين، وتنشر ظلال الرحمة والشفقة والخير على الناس أجمعين.
ونحن في المملكة العربية السعودية نسعد بما نراه من حملات التبرعات التي تقام لمساعدة من يحتاج إلى المساعدة، كما حدث سابقاً في حملات التبرعات لفلسطين، والعراق، وقبلها أفغانستان والبوسنة والهرسك والشيشان، كما جرى هذه الأيام من حملة التبرعات للدول المسلمة التي اجتاحها طوفان (تسونامي) بقدر من الله العلي العظيم، إنه لعمل جليل يقوم به المجتمع الإنساني بصفة عامة، والمجتمع المسلم بصفة خاصة، لأنه يؤصل قاعدة التراحم بين البشر، وهل تقوم المجتمعات البشرية، والكون كله إلا بالتراحم.؟
هنالك أمور تزعج الإنسان وهو يتابع أخبار التبرعات للمنكوبين في الدول التي ضربها الزلزال، أشير إليها من باب البَوْح لكم، والتنبيه إلى سلبيات يمكن أن نسهم في إزالتها.
من تلك الأمور المزعجة عناية بعض وسائل الإعلام والصحف العربية بتغطية أخبار التبرعات الغربية، وحملات الجمعيات الخيرية غير المسلمة، ومتابعتها، والحديث عن تفاصيلها، بينما تقصر في متابعة مظاهر العمل الخيري في عالمنا الإسلامي، ومنها أيضاً ضعف استجابة أصحاب رؤوس الأموال الضخمة من تجار ورجال أعمال، ومشاهير المال في عالمنا الإسلامي لنداءات الإغاثة لتلك الدول التي أصابها الزلزال، وتأخر الاستجابة لصرخات المنكوبين، ونداءات المشردين، وآهات المرضى والجرحى، فلا نكاد نفرح بخبر بارز لاسم تجاري مشهور يشير إلى تبرُّع سخيٍّ في حالة مأساوية عالمية، بيما نجد بالمقابل أسماء مشاهير في الغرب من مغنّين وممثلين وممثلات وراقصين وراقصات، ومشاهير الرياضة وغيرها تنشر في بعض صحف عالمنا العربي مصحوبة بتفاصل أخبار تبرعاتها، وبعبارات الإشادة والتقدير لها.
إنها المبادرة لتلك الأسماء الغربية غير المسلمة، ولتلك الجمعيات التنصيرية وغير التنصيرية التي تبرز كل ساعة لنا على شاشات القنوات وفي صفحات الجرائد والمجلات.
ومن تلك الأمور المزعجة، عدم وجود مواكبات إعلامية إسلامية قوية لمراحل حركة ذلك الزلزال العظيم مواكبة واعية تنقل الصورة الحقيقية مصحوبة بالرؤية الإسلامية التي تشير إلى أسباب كثيرة تتعلق بحقيقة علاقة الإنسان بربه عز وجل في هذا العصر، تلك العلاقة التي شابتها شوائب الإهمال والتفريط أو الجحود والنكران، أو الكفر بالله عز وجل- نعوذ بالله من ذلك- وما صاحب ذلك من مظاهر الإفساد والفساد بصوره وأشكاله التي لا تخفى على أحد هذه الأيام لأن الفساد يطل برأسه القبيح صباح مساء عبر وسائل الإعلام المختلفة.
كأني بهذا الطوفان يقول بلسان قوته وعنفه: متى يصحو الغافل، ويتعلم الجاهل، ومتى يتعالى بين الناس صوت الاستغفار، وترتفع بينهم رايات التوبة والرجوع إلى غافر الذنوب وقابل التوب شديد العقاب؟
إنَّ بين المسلمين من أصحاب رؤوس الأموال مَنْ يستطيع أنْ يقدم ما ينفع المنكوبين، ويحرك الآخرين الذين يغفلون عن مواقف الخير، وإننا لننتظر منهم التحرك الحقيقي في هذه المحنة، ليفوز بأجر البذل وأجر القدوة الحسنة العظيم.
إشارة
موج تحرك كالجبال تضعضعتْ عنه الرياح وصُمَّت الآذانُ

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved