* لفت نظري خبر مهم؛ كتبه زميلنا الصحافي النشط (خالد الخضري)؛ ونشرته جريدة المدينة يوم الخميس (17-6-2004م)؛ جاء على عمودين في صفحتها الثانية، هذا نصه: (انتشرت في محافظة الطائف؛ شقق خاصة؛ تقوم بعمل الحجامة للرجال والنساء، يجريها عمال وافدون غير متعلمين، وغير مصرح لهم بالعمل في هذا المجال، وبعد حدوث حالات إغماء عديدة في هذه الشقق؛ نتيجة جهل القائمين على عمليات الحجامة؛ تقدم عدد من المواطنين بشكاوى للجهات المعنية؛ لمنع هذه الشقق، ولكن لم تتحرك أية جهة للحد من هذه الظاهرة... وأكد (سلطان الداموك)؛ عمدة حي الشرقية في الطائف؛ أن الشقق والمحلات التي تُمارس فيها الحجامة؛ يعمل بها رجال ونساء من العمالة غير النظامية، ولكن لم تلتفت لها أية جهة رسمية، مضيفاً أن هذه الأعمال؛ يمكن أن تتسبب في نقل العديد من الأمراض والأوبئة)..! * انتهى الخبر؛ وقد مر على نشره أكثر من خمسة أشهر، فهل حرك أحد ما؛ ساكناً في بركة راكدة آسنة؛ سواء على الصعيد الرسمي أو الصعيد الشعبي..؟! * إلى أن تتحرك هذه البركة الراكدة، لابد أن نتنبه هنا؛ إلى أن خللا ما يدب في أوصال كثير من الناس؛ فالذهاب إلى أمكنة منزوية مجهولة؛ سواء كانت شققاً أو غيرها؛ طلباً لعلاج على أيدي أناس مجهولين- بل مشبوهين- هذه حالة من حالات نسمع عنها ونقرأ عنها كل يوم؛ فهناك من يذهب إلى إنسان جاهل؛ في صحراء بعيدة، لمجرد أنه سمع رواية تقول: بأنه يكوي بالنار، أو يصف علاجاً ناجعاً لمرض ما، ناهيك عن آخرين يقدمون أنفسهم لقماً سائغة؛ لدجاجلة ومدعين؛ يمارسون أعمال الشعوذة والسحر والطلاسم، ويوهمون البسطاء والجهلة؛ بقدرتهم الخارقة على فك الأسحار، وإبعاد الأمراض، وجلب الخير والسعادة، أو دفع الشر والمضرة، أو تحويل المبالغ البسيطة؛ إلى ثروات طلائلات، فمثل هؤلاء الناس الذين يعرضون أنفسهم لهذه المواقف، لا يمكن أن نقول عنهم بأنهم بسطاء هكذا، أو ضحايا آخرين أشرار وكفى؛ دون أن يتحملوا جزءاً من المسؤولية، لأنهم في واقع الأمر؛ شركاء في شيوع ظاهرة الدجل والشعوذة؛ ومسؤولون إلى حد ما عن انتشار المنتفعين والمتاجرين بمآسي الناس، وينبغي أن يُسألوا مثل غيرهم؛ عن شيوع مثل هذا الفساد في المجتمع. * كثير منا يقرأ ويسمع؛ عن حوادث نصب ودجل، وضحايا وقعوا في شباك دهاقنة لهذا النوع من الاستغفال؛ ثم لا يملك إلا أن يتساءل: أين العقل في هذه التركيبة العجيبة..؟! * إذا استطاع الدجال والمشعوذ؛ اللعب على مجموعة من الناس؛ فاستغفلهم، واستخلب ألبابهم، واستحلب أموالهم؛ فهو قد استخدم عقله في الشر الذي أراد.. لكن.. أما لهؤلاء الآخرين من عقول يميزون ويفكرون بها؛ فيدرءون عن أنفسهم شرور الشريرين..؟! * إن أغلى ما يملك الإنسان في حياته؛ هو صحته العقلية والجسدية، ولكن البعض- ربما- لا يدرك هذه الحقيقة، لأنه بكل بساطة؛ يقدمها حقل تجارب لطبيب مزيف، أو مدع مبتز، أو مشعوذ ساحر؛ أو مغو ومضلل.. فهل يصح هذا يا أيها الناس العقلاء..؟!! * لماذا لا نضع أمام أعيننا؛ إذا أردنا زيارة طبيب أو محجم أو غيره؛ مسألة الترخيص الرسمي..؟ ولماذا يغرم بعض الناس؛ بماهو كائن في الظلام؛ وما هو خفي عن الأنام، أو بعيد عن الأعين؛ وكأن ما يجري في النور غير مقنع..؟! * هذه مسألة تحتاج إلى دراسة، أو حتى دراسات نفسية، ومن ثم البحث؛ في صيغة تقدم آليات لحلول في المستقبل. * إن مطاردة دجال هنا؛ أو ملاحقة مشعوذ هناك، أو متابعة مضلل شاذ، أو قفل شقة لطبيب أو محجم مزيف؛ هي عملية لا تقدم حلا ناجعاً؛ لمشكلة قائمة منذ سنوات طوال؛ وذلك لسبب بسيط هو: أن الناس الذين يبحثون عن الخفي؛ وما هو في سُتُر الظلام عادة؛ هم الذين يكثرون من عدد الدجاجلة والمدعين والضالين والشاذين، ويدعمون توجهات الزيف والاستغفال، ويعززون من مشروع اختراق الشرعية في أوساط المجتمع. * بعبارة أخرى.. فإن الحُمق مرض قديم.. قديم، لا علاج له؛ أما الحمقى- وما أكثرهم في هذا الزمان- فهم وإن سعوا إلى حتوفهم بأنفسهم؛ إلا أنهم لا يضرون أنفسهم فقط؛ ولكنهم يتسببون في الضرر لكل المجتمع، وعلينا أن ندرس بكل عناية وجد؛ عما إذا كنا قادرين؛ على حصر أضرار الحمق في الحمقى وحدهم؛ دون أن نتجاوزهم إلى غيرهم من الأصحاء..؟!
fax:027361552
|