عادة ما يشار إلى أسهم شركة الكهرباء بالاسم الحركي لها (العقرباء). فهي كما هو معروف عنها عقرباء السوق، وفي الوقت الذي اشتهرت فيه مثيلاتها من الأسهم بأسماء حركية طيبة الذكر مثل: أم المسامسر أو غزال الصناعة (شركة التصنيع) أو حتى البرتقالة (شركة الغذائية). هذا ومن بين الأسماء الحركية غير طيبة الذكر: المتدهورة وأم الخسائر شركات مساهمة أخرى. ورجوعاً لسهم الكهرباء (العقرباء) والذي يرتبط ارتفاعها المفاجئ عادة بهزات لا يحمد عاقبها على سوق الأسهم السعودي ويعيد للأذهان كارثة شهر مايو التي أكلت الأخضر واليابس بسوق الأسهم السعودي، خاصة وان علمنا أن سهم شركة الكهرباء ذو ثقل ووزن في حسابات المؤشر العام للسوق المالي وقادر على إحداث انزلاق بمستوى المؤشر العام لا تقدر عليه عشر شركات مجتمعة والضغط عليه يعد ضغطاً على السوق باعتباره صمام الأمان. وبغض النظر عن أهمية الإسراع بإعادة النظر في طريقة حساب المؤشر العام لسوق الأسهم ومعادلة وزن بعض الشركات فيه مثل الكهرباء وسابك والاتصالات فيه.
وعليه أوقفت هيئة السوق المالي السعودي التذبذب المسموح لعقرب السوق (الكهرباء) عند 1% صعودا وهبوطا في الوقت الذي تتصاعد فيه الأسهم يوميا وتقفل على النسبة 10% دون أن يتم تجميد تذبذب تلك الأسهم!!
الأمر الذي أرجعه العالمون ببواطن الأمور إلى أن هناك عمليات تدوير وهمية على سهم الكهرباء بين محافظ استثمارية تحت المراقبة الدقيقة.
وبغض النظر انني (لا) أميل هنا إلى نقد قرار تجميد تذبذب سهم دون الآخر وإن كان السهم سيئ السمعة في مثل هذه الظروف، لكن أجد أن من المناسب في حالة مثل هذه بدلا من تجميد السهم، القيام بتجميد المحفظة الاستثمارية وتقيد حركتها فوراً مع إصدار قرار توضيحي من شركة الكهرباء يوضح أنه لا يوجد ما يبرر هذا الارتفاع المصطنع وان الحاصل كان من قبل مضارب أو مضاربين على شركة الكهرباء وليس استناداً على قوى الطلب والعرض كما يحدث يومياً في بقية أسهم الشركات التي يعد تذبذبها مصدر دخل وربح للمضاربين والمستثمرين لا يمكن المساس به.
من جهة أخرى وثيقة الصلة بالموضوع فالتذبذب السعري في نطاق النسب أمر لا يمكن إنكاره أو إيقافه في أي سوق مالي مهما اجتهدت الجهات الرسمية، وحتى وإن حصل ارتفاع لسهم شركة تتكبد خسائر ولا تحقق معدلا ربحيا تتناسب مع السعر السوقي التي وصلت إليه فتلك هي المضاربة وفنونها وآليات قوى العرض والطلب في كافة الأسواق المالية.
لكن أن يحدث تدوير وهمي من محفظة استثمارية أو محفظتين للتغرير ببقية المضاربين ومن ثم الخروج من السهم والسوق فالأمر هنا يختلف ويحتاج اتخاذ اللازم وصورة مع التحية للنشر بالصحف إذا وقف الأمر عند هذا الحد.
في الحقيقة عندما قرأت قرار هيئة السوق المالي على الموقع الرسمي لتداول الأسهم وقت حدوث الحدث بين السوق المالي والمتلاعبين فيه ضحكت كثيرا -فشر البلية ما يضحك-، وتذكرت المثل العربي الشهير: (أرادوا إبلهم فأخذوا خيولهم)، حيث طمع بعض المضاربين في أخذ إبل السوق المالي، فأخذ السوق المالي منهم خيولهم التي جاءوا عليها لأخذ الإبل.
هذا وعودة لموضوع المحافظ الاستثمارية التي يدور الاشتباه على بعض منها بالقيام بحركات مشبوهة بجانب أن ضخامة رأس مال البعض منها يثير علامات استفهام، خاصة تلك التي تطرح استفهام (من أين لك بهذا؟) عندما يفوق حجم محفظة فردية مليارات الريالات! فما زال المجتمع السعودي يعرف أفراده ويجيد فن تقدير التدفقات النقدية وحجم الثروات سواء كانت من المتاجرة بالأسهم أو العقار أو ورثة أو غيرها، فأصحاب المليارات بالذات وخاصة المجازفين منهم بالمضاربة بتلك المليارات بالأسهم معروفون ومعدودون على المستوى العالمي (لا) المحلي فقط!!
فمن أين للبعض بهذا؟ وهل كل هذه الأموال فعلاً هي أموالهم؟ أم هم مجرد غطاء لآخرين ودمى تتحرك لصالح آخرين!!! ولماذا التركيز على السوق السعودي وفي أوقات معينة وعدم توطين بعض من تلك المليارات في استثمارات حقيقية مثل ما فعل آباؤهم من تشييد منشآت أعمال صناعية وتجارية ومالية والمساهمة في التنمية الاقتصادية إن كانت بالفعل أموالهم.
أسئلة كثيرة وجريئة تدور في ذهني وأتحمل مسؤولية طرحها رغم علمي مسبقاً بأن ليس كل ما يعرف يقال ولا كل ما يقال ينشر ولا كل ما ينشر يفهم. وعليه يخشى أن تكون تلك الأموال تم تمويلها من الخارج إلى محافظ استثمارية فردية عبر التغرير بهم ظاهراً بقصد الاستثمار بالسوق السعودي إذا لا يسمح لأجنبي بالاستثمار في سوق الأسهم السعودي أما بالباطن فيخشى أنه تم التغرير بهم وضرب الاقتصاد الوطني (لا سمح الله) عن طريقهم.
خاصة وأننا أصبحنا دولة مستهدفة والتخريب يمكن أن يكون اقتصادياً (لا) أمنياً فقط وما حدث في شهر مايو المنصرم من انخفاض حجم التداول من 16 مليار ريال في اليوم إلى 3 مليارات وانسحاب السيولة المالية فجأة بصورة كادت أن تضر بالاقتصاد الوطني في وقت تلازم مع عمليات إرهابية استهدفت الأمن القومي للسعودية يستعدي مثل هذا الطرح المفصلي.
*******
فالقضية تتطلب تضافر جهود الجهات الرسمية الأمنية والاقتصادية بمراقبة التدفقات المالية لأي محفظة مشبوهة والعمليات البنكية والحوالات البنكية (من وإلى) الخارج على تلك الأرصدة المرتبطة بالمحافظ المثيرة للجدل، فالقضية يمكن أن تكون أعمق من تحالفات في سوق الأسهم لجني أرباح خاصة وإن ثبت أن تلك الأموال تأتي من الخارج تحت غطاء وأسماء تفترض فيهم حسن النية والرغبة في اقتناص الفرص لكن المفترض التعمق في تداعيات الموقف وربط ذلك بالأحداث الجارية والأمن القومي.
فما يحدث بالسوق من ارتفاع مفاجئ وهائل في حجم السيولة بسوق الأسهم ثم انسحاب تلك السيولة التي تتزامن مع ظروف وأحداث مفصلية يتطلب التعمق في فهم ما يحدث في السوق المالي السعودي بصورة أعمق تتعدى ذلك الطرح السريع الذي يتم تناوله بالإعلام بأنواعه المكتوب والمسموع والمرئي.
وقطعا لم يبق للتذكير سوى،،،
إن لكل شيء قبضة حتى الرمح الحاد والسيف المسلول، وعلينا أن نعرف أين المقبض الصحيح حتى نمسك بالمواضيع من قبضتها ونتحكم فيها مهما بدت لنا من النظرة الأولى أنها حادة وشائكة علينا.
|