اعداد: الشيخ صالح بن سعد اللحيدان
* استمعتُ إلى والدي يتحدث مع أخيه وهو شريك له في.. عمل مهم.. فكان مما قال:
- لا.. اسمع لا بد من الجبروت وإلا توطتك الرجال وضاعت هيبتك وذهب أمرنا ولو بعد حين.. لا بد من هذا حتى نكسب: الهيبة والقوة.
- لكن هذه الحال قد تضر الضعيف والعاجز فيخاف منا، ويقدِّر خطرنا.
- لا تقل يخاف بل: يهاب.
- لا والله يخاف ولا يهاب ولو بدا الأمر واضحاً وحراً لنالوا منا..
- ها قد.. عرفتها.. إذاً لا بد من الجبروت والدهاء وعدم المبالاة حتى يسير أمرنا في الحياة على الهيبة.
- لا تكرر والله ما هو إلا الخوف.
- لكن مع الهيبة كما تسميها أنت هل يُجهل أمرنا من مال وجاه وقوة.
- كافة أمورنا في: (السر) وما نعلنه إنما هو للحياة وتعلق أصحاب المصالح بنا خصوصاً تجار (الإبل.. والغنم).. ومن يرفع رأسه ندبر أمره بسر أو نحجر عليه ونجمده بطرق كثيرة وكثيرة حتى إذا أدرك أو لم يدرك أذعن بالقوة والسيطرة.
- إذاً هو الخوف.
- سمه ما شئت فنحن عشنا هكذا.
- لكن الضعيف ممن له حق أو هو مساء إليه أو نكرهه أراك جباراً وقد تمشي في جنازته.
* أعلم هذا.. كله.. المهم لا تفتح باباً علينا فيذهب عزنا وجاهنا بل نكون بعيدين ونجعل غيرنا في.. المواجهة.. بطرق يظن الظان أننا تقاة وأمناء ونصحاء..
* ماش ماش أنت جبار صامت بصورة قوية.. لم تستفد من تجارب حرب القوي للضعيف المضيوم حين تدخل الله.. فحكم وعدل.
* هذه عواطف وخور في العزائم..
* لا والله.
* بلى
* إذاً ماذا تستفيد من الأيام وحكم الله وعدله؟
نترك الضعيف ونترك المضيوم ونترك المنبوذ بسببنا حتى يمرض أو يموت هل هذه هي الحياة؟
* أنت عاطفي، وهذا سبب: التعب.
* على الأقل نتنازل لله فنرفد المضيوم والمبعد ولو ملك: مئات الإبل،. وانفض المجلس وكنتُ شاهداً لهذا الحوار الذي لم أرتح إليه أنا ابن المال والجاه والعز نعم لم أرتح إليه بسبب جبروت الوالد وتلاعبه بحياة الناس فطمعتُ جداً أن أُناقش عمي لعله ينقل إليه وجهة نظري التي توافق وجهة نظره تجاه الوالد والسبب أنني أخاف الوالد لعلمي جيداً بأسراره، وإن كنت معجباً به، وأحتمي به في كثير من الحالات..
فعل عمي ذلك، فدعاني الوالد وبطرق غاية في الذكاء والقوة.. خلال سنتين قلَّص عملي بعد أن شكرني على وجهة نظري التي نقلها إليه أخوه عني.. أدركت هذا فكان لا بد أن أصبر فلا يكون ثمة نزاع..
حقيقة حياتي قلقة والوالد قلق تجاهي وخوفي عليه، وما بين يديه أشد من خوفي على نفسي فلا تلومني هو:( والدي)..
ماذا ترى لي؟
ب.ع.س.. السودان
ج - أطع أباك ولا تخالف له أمراً أو تظهر له سراً ولو كان (خطأ) وصاحبه وكن في خدمته ولا تحاول ثنيه عن فلسفته في الحياة وتجارة الإبل والغنم فلو زال (البحر المتوسط) ونضب المحيط.. لن يرى إلا ما هو عليه فلا تتعب وتتعبه، وأرى لك شيئاً فشيئاً الحكمة والتعقل في الحياة فتضبط ما لك وما عليك بدقة ونزاهة وقوة عدل ولو على نفسك وشيئاً فشيئاً فلعلك ترغب إليه السفر الانتقال إلى بلد آخر داخل السودان وتنشئ لك تجارة خاصة، لكن بعد حين من الاستقرار وليس مباشرة، هناك تنظر الحياة وأعميها نظراً نظرة .. عمى الوالد.. فكن أنت أنت..
مع ضرورة مُناصحته بلباقة وتحبب وتودد وتعظيم دون جرح شعور أو هدم ثقة..
ولا يهمنك منه حبه للخير ظاهراً ومسارعته في ذلك حسب بعض كلامك الذي لم أنقله في السؤال هنا لطول سؤالك فحبه للخير والمعروف.. إلخ.. هذه حيل نفسية يقوم بها قد يكون صادقاً فيها وقد يكون غير صادق.. كل هذا لإبراز نفسه بالجليل العمل.. الكريم اليد.. النزيه المال.. المنصف بقوته، وهذا لا يجديه أمام الله حتى: ينصر كل مهضوم يتقطّع ألماً، ويأخذ بيد كل مريض يتمزق ألماً وان ظن أنه لا بد له هنا أو هناك، لكنه هو اليد في هذا وذاك حسب وصفك له..
لا بد أن تداريه وتلاطفه وتبين له الحق في مسار الحياة حتى وان ظنَّ أن السياسي المحنك.. المجرب النحرير، المطلع السديد..
هو: بحاجة إليك.. حاجة إلى عزه ومجده في إبله وغنمه ورعاته وعملائه،
ووعيك هذا حقيقة وإلى هذه الدرجة لست أعلم كيف أصفه، فالوعي العميق المصاحب لخوف الله والحذر من أخذه وعقوبته، ودرس الأيام وآثار الحياة قلَّ أن يكون..
لك مني تقديري ودعائي ولم أزل أكرر أطع أباك لا تخالفه، وكن له لا تكن عليه وفي الحياة متسع، وفي الأرض منجع ومستراح، وفيها مستقر وقرار، لكن يبقى للوالد حقه وإجلاله فأدِ نحوه ما عليك تجاهه والله يتولاه عالم الحال كل حال.. نفع الله بك، ودله وهداه..
|