المكرم رئيس تحرير الجزيرة حفظه الله
طالعتنا الجرائد اليومية وعلى رأسها جريدة الجميع الجزيرة عن عروض بعض الشركات العقارية التي تقوم ببناء الوحدات السكنية (الدبلكس والفلل) وبيعها وتقسيطها على المواطنين، وتتنافس هذه الشركات بدءا من الإعلان وإظهارها بأحسن صورة والضمان الشامل والصيانة ونسبة الأرباح المنخفضة.. إلخ. ومن المعلوم ان هذه العروض تستهدف شريحة كبيرة من المواطنين ذوي الدخل المحدود خاصة في ظل تنامي السكان المتزايد وقلة ما يفي بالطلب من المنازل المعدة للايجار.. وموضوعي هو في الحقيقة موضوعان في واحد وهو: (مصداقية العروض المقدمة من الشركات العقارية واقتراح لصندوق التنمية العقارية)، فعندما نذهب إلى إحدى شركات البناء بالتقسيط ويتم تسليم الوحدة السكنية بعد فرض أرباح خيالية توازي ضعف التكلفة تقريبا، نجد أن ما يكون على أرض الواقع هو خلاف ما تم إعلانه في الدعايات والجرائد بدءا من صغر مساحة الغرف ورداءة العمل بحيث تنشأ التصدعات في الجدران، ورداءة الأدوات الكهربائية وأدوات السباكة وعندما تكلم الشركة عن الضمان تبدأ المماطلة يوما بعد يوم حتى تتفاقم المشكلة ويصبح الحلم سرابا، فيحتار المواطن المسكين بين دفع قسط الشركة الباهظ، وصيانة ما يحتاج لتصليح في هذه الوحدة السكنية، وهذا راجع إلى عدم مصداقية هذه الشركات واستغلالها للضعاف من المواطنين ومحاولتها لسحب ما في جيوبهم وتحميلهم ديونا لا تنتهي، وهدفهم تجاري بحت خال من الأمانة والنزاهة، ولا رقيب ولا حسيب يردعهم، وأمام هذه الاشكالية، أقترح ما يلي:
أولاً : قيام جهة حكومية مسؤولة متمثلة بصندوق التنمية العقارية ببناء وحدات سكنية تكون ملائمة للأسرة السعودية وذات تصميم جمالي غير متكلف يلبي حاجة المواطن، ويتم خصم 35% من راتب المواطن شهريا، وهذا فيه فوائد كثيرة أهمها:
أ - إزالة الهم عن المواطن وتحقيق أمنيته التي طالما حلم بها بعيداً عن استغلال شركات العقار والبناء في فرضهم أرباحاً خيالية تثقل كاهله، وتجعله يعيش في دوامة من القلق والاضطراب النفسي نتيجة تحميله ديونا لا يطيقها.
ب - الاتفاق مع القطاع الخاص لإمداد هذه الوحدات بأفضل مواد البناء والسباكة وضمان هذه المواد، مما يسهم في جودة الوحدة السكنية وعدم حاجتها للصيانة لمدة أطول.
ج - تحقيق الاستقرار للمواطن ذوي الدخل المحدود من المطالبات في تسديد الايجار بالإضافة الى تخفيف العبء عن المحاكم والشرط والحقوق المدنية بين المؤجر والمستأجر.
ثانياً: تشديد الرقابة الدورية على هذه الشركات، ومعاقبة ما يكون مخالفا لما أعلن عنه والتشهير به للتحذير من التعامل معه.
ثالثاً : إلزام القطاع الخاص بالتعاون في هذا المجال عن طريق فوائد بسيطة لا تتجاوز 2% من جملة تكاليف البناء والتجهيز، وذلك بإبرام صفقة إنشاء مئات الوحدات السكنية في كل المناطق (وخاصة ذات الكثافة السكانية المرتفعة) مع صندوق التنمية العقارية، والمواطن بدوره يسدد الصندوق أقساطا شهرية منتظمة تخصم من مرتبه، والفوائد (2%) تكون من صالح الشركة المنشئة بشرط صيانة تلك الوحدات وضمان التلفيات الاساسية في البنية التحتية لتلك الوحدة لمدة لا تقل عن 10 سنوات.
رابعاً : الاستفادة من الدول المجاورة التي سبقتنا في هذا المجال، وحققت تقدما ملموسا وخبرات طويلة، مثل الامارات العربية المتحدة (والتي احتفلت مؤخراً بامتلاك آخر مستأجر إماراتي لوحدة سكنية خاصة به فلا يوجد عندهم مواطن إماراتي مستأجراً نهائيا) والتي تقوم فيها الشركات بإنشاء الوحدات مع ضمانات الانشاء الحقيقية، وفائدة (2 إلى 2.5%) من السعر النقدي الاجمالي لتكاليف تلك الوحدة السكنية.
خامساً : تفعيل ما تقدمه الحكومة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين من دعم غير محدود لصندوق التنمية العقارية، خاصة بعد فائض الميزانية المباركة بتخصيص 9 مليارات ريال للصندوق تحقيقا لرفاهية المواطن وازدهار الوطن وإلحاقه بركب الدول المتقدمة.آمل من المسؤولين الرد على هذا الاقتراح وعلى رأسهم معالي رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية العقارية وسؤاله عن كيفية التعامل مع ما خصص للصندوق من فائض الميزانية.. ودمتم.
صالح سيلمان التركي |