أحداث حي النهضة بشرق الرياض والتي شهدت مقتل عدد من المطلوبين أمنياً لقوات الأمن والذين يجيء على رأسهم القتيل عبدالمجيد المنيع المطلوب رقم (19) على اللائحة أثبتت مجدداً وبما لا يدع مجالاً للشك ألاّ أحد سيفلت من العدالة مهما اختبأ ولو في جحر ضب خرب، وقد أكد رجال الأمن الأبطال ومن خلال تلك الملحمة التاريخية أنهم ماضون بعزيمة وإصرار على تقطيع ما تبقى من أوصال الحية الإرهابية التي تتشبث بالبقاء وأمل الحياة بيننا، لكن هيهات وهيهات لها في ظل وجود نسور الجزيرة وفرسان العرب الذين ضربوا أروع النماذج في التضحية وبذل النفس والنفيس من أجل التصدي لهذه الفئة الضالة الساعية للإفساد في بلاد الحرمين الشريفين، ومما لا شك فيه (أن من سار على الدرب وصل) كما يقول المثل العربي الشهير.. وبما أن بدايات التطهير بدأت بالرؤوس التي تساقطت الواحد تلو الآخر فإنّ ما تبقى وكما قال سمو سيدي وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز (مقدور عليه وكلما أوقدوا ناراً للفتنة أطفأها الله).
وما جرى في حي النهضة من معركة بين رجال أمننا البواسل والفئة الباغية خير شاهد وأنصع دليل على أن الأمر يجري وفق ما خطط له تماماً وأنه لا مساومة أبداً مع رافعي السلاح الذين أضاعوا فرصة العفو الملكي الكريم وحسبوا أنهم سيكونون بمنأى عن الملاحقة والاكتشاف ليأخذوا جزاءهم العادل بمقدار الجرم الذي اقترفوه في حق وطنهم وأهليهم وما داموا يدعون الانتساب لدين الله فإنهم يعرفون (حد الحرابة) المقرر في كتاب الله المبين.
وعطفاً على ما مضى فإني تتبعت ردود الأفعال التي أعقبت الدرس الذي قدمه رجال الأمن في البطولة والفداء صبيحة المعركة في حي النهضة ووجدت كيف أن الأهالي كانوا مذهولين تماماً وأنهم لم يكونوا يتوقعون أبداً أن بين ظهرانيهم إرهاب بحجم (المنيع) الذي حسب أن شقة حي النهضة ستكون عاصماً له من أمر الله، وما علم أن الطوفان قادم لا محالة، وتذكرت أيضاً الحديث الشجاع الذي لا يصدر إلا من امرأة مؤمنة كوالدة عبدالمجيد المنيع حين أكدت أن ابنها لقي مصيره المحتوم وجزاءه المتوقع وأشارت إلى أنها كانت ترفض هذا السلوك وأن ما قام به عبدالمجيد لا يمت لعائلة (المنيع) بصلة، وأضافت (سبق لي أن طالبت ابني عبدالمجيد مراراً وتكراراً بالرجوع إلى طريق الصواب وتسليم نفسه للجهات المختصة بعد العفو الملكي لكنه لم يستجب وعصاني فلقي مصيره الذي كان متوقعاً).
ونحن نقول إن أمة هكذا نساؤها لن تفشل أبداً ولن تنحني أمام أفكار هؤلاء التكفيريين والتفجيريين،ولوالدة (المنيع) أسوة حسنة بسيدنا نوح الذي طالب ابنه بالاّ يكون مع القوم الظالمين لكن ابنه عصاه وقال {سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء} وصار نوح يجادل ابنه حتى جاءه القول وخاطبه ربه وقال {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} ، وما نقوله نحن هنا لوالدة المنيع ان ابنها عملٌ غير صالح وهذا لا ينفي نسب الابن كما ذكر المفسرون في قوله تعالى {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} ولكن الخروج على الدين وقتل الأبرياء والتفجير والحرابة والإفساد في الأرض يدخل أيضا في معنى الآية الكريمة {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}، والدولة عازمة على محق أولئك البغاة المارقين أعداء الخير والحق والجمال ممن باعوا ضمائرهم وأصبحوا أيادي مطلقة للشر، خادمة رخيصة لتنفيذ مخططات الأعداء الحاقدين على دين الله ممن مُلئت ضمائرهم السوداء حقداً وحسداً وهم يرون الاستقرار والأمن والرفاه والطمأنينة ورغد العيش يظلل أرجاء المملكة العربية السعودية، فجندوا بعض ضعاف النفوس، الضالين والمنحرفين عن جادة الطريق المستقيم، ووجدوا فيهم منفذا وأفراداً بلا ضمائر ينفثون من خلالهم سمومهم وحقدهم الدفين على شعب هذا البلد الآمن المؤمن بربه والمتمسك بتعاليم شريعته، ثقافته الخير والعطاء والكرم وسعة الصدر، وديدنه الوفاء والوقوف صفاً متراصاً خلف قيادته الرشيدة بفطرته وولائه، يملؤه الفخر بعيشه على أرض الحرمين الشريفين والبقاع المقدسة والرحاب الطاهرة حيث ترفرف فوق رؤوس الجميع حمائم المحبة والسلام لا صخب الإرهاب أو قعقعة السلاح وزخات الرصاص المجنون.
وفي هذا المقام نتوجه اليكم يارجال أمننا الأوفياء الأشاوس الأمناء على أمننا بخالص شكرنا السرمدي مجددين ثقتنا بكم وأنتم تتسنمون واجبكم ومسؤولياتكم بشجاعة واقتدار لاجتثاث جذور الشر، بكل حزم وقوة شكيمة ومضاء عزيمة، وستبقون بعون الله يداً قادرة على اقتلاع آخر ما تبقى من عناصر الفئة الضالة التي انحرفت عن جادة الطريق، وسعت لإدخال ثقافة غريبة وعجيبة ليس لها من أساس ديني ولا اجتماعي ولا إنساني، فئة مارقة لا تعرف سوى ثقافة الموت والقتل والتدمير لشعب آمن لم يتربَّ عليها ولا يعرفها ولا تقرّ بها شريعة السماء الكريمة، ولكن ستحسم المعركة حتماً لصالح معسكر الخير لأنه الحق والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وسيكون حليفنا النصر على الطغمة الضالة ومن يغذيها ومن يمولها ومن يستخدمها للنيل من شموخنا وسننتصر بإذن الله قصر الزمان أو طال كما أكد ذلك مراراً ولاة أمرنا الأوفياء في كل مناسبة وفي كل محفل، نسأل الله أن يحفظ البلاد والعباد من كل مكروه وأن ينصر قيادتنا الرشيدة حتى تدحر آخر ذرة من ذرات الفتنة والشر ليعم الأمان والأمن على البلاد والعباد وستبقى أرض الحرمين الشريفين كما عرفها وألفها الناس دائما واحة للأمن والأمان، ويحق لي أن أذكر الجميع بضرورة وقوفنا خلف ولاة أمرنا بكل ما نملك، صفاً واحداً صابراً مصابراً حتى تحقيق النصر، لأننا على جانب الحق والله هو الحق وسيكون لنا النصير، ونسأله سبحانه أن يلهمنا جميعاً الصبر والقوة، وأن يسدد خطا المسؤولين عن أمر معاشنا وأمننا وأماننا إنه سميع مجيب.
الرياض - فاكس 014803452
|