إنها أيام تمضي، وسنوات تذهب، وأعمال تدون، وكما أن شهر رمضان كان يُنتظر هاهو قد ولى وانقضى، وكم هي الرمضانات التي انتظرها العباد وصاموها ثم ذهبت سريعاً، ومن عاش منهم فسينتظر رمضانات أخرى وسوف تمضي كما مضى غيرها، وهكذا عمر الإنسان.
والموفق من عباد الله عز وجل من جعل حياته كلها رمضان، يصوم فيها عن المحرمات، ويجتهد في الطاعات، ويتنافس في الخيرات، حتى ينتهي أجله ولله در الإمام الحسن البصري - رحمه الله تعالى - حين قال:(من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره).
إن كثيراً من الناس لما دخل رمضان عرفوا فضله وقيمته وأحسوا أن أوقاتهم كانت تضيع في فضول المجالس والكلام والأعمال مما لا نفع فيه سواء في الدنيا أو في الآخرة، فعزموا على استثمار تلك الأوقات الضائعة وصرفوا أوقاتهم في طاعة الله عزوجل، لكن المؤسف حقاً أن تفتر العزائم وتضعف الهمم عن الطاعات بعد خروج شهر رمضان، وهؤلاء وللأسف لم يستطعموا لذة الطاعة ولم يروضوا أنفسهم عليها، لأن من روض نفسه على الطاعة ارتاضت عليها، ومن ركن إلى الكسل صارت الفرائض ثقيلة عليه، وكما أن الناس لهم قوة في جمع وتحصيل أمور الدنيا، فكذلك أعمال الآخرة إذا روضت النفوس عليها ارتاضتها واعتادتها.
أخي الكريم:
إن من علامات القبول المداومة على العمل، ومن علامات الرد - نسأل الله العفو والعافية - العود على ما كان من ترك الأوامر والولوغ في المناهي وتنكب الصراط المستقيم، فاحرص يا رعاك الله على أعمالك من الرد.
( * ) الرياض |