Friday 12th November,200411733العددالجمعة 29 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

حادثة وحديث حادثة وحديث
وقفة عند وداع رمضان
عبيد بن عساف الطوياوي ( * )

ما أسرع الأيام وما أعجل الليالي، فقد يكون هذا اليوم هو آخر يوم في شهر رمضان المبارك، انتهى رمضان، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر الصدقة والبر والإحسان، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، ولكن إن انتهى رمضان فان مواسم الخير لا تنتهي، فعمر الإنسان كله للخير موسم وما رمضان إلا مدرسة يتدرب فيها من وفقه الله على فعل البر ومجالات الخير وميادين الإحسان، فالذين وفقوا للقبول في هذا الشهر المبارك، تجدهم يتابعون ما اعتادوا عليه، ويستمرون في فعل ما وفقوا إليه، يتقربون بذلك لخالقهم القائل في كتابه: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. أما الذين كان حظهم من صيامهم في رمضان الجوع والعطش، فان رمضان هو عهدهم ببعض الأعمال الصالحة، وبعده يعودون إلى ما كانوا عليه من تفريط وهجر للطاعات واقتراف للمعاصي والمنكرات.
وقد ذكر أهل العلم ان من علامات قبول العمل اتباع الحسنة الحسنة ولذلك ينبغي للمسلم وإن انتهى رمضان، أن يعوّد نفسه على ما اعتادت عليه في رمضان، ويشعرها بان ما كانت تعمل في رمضان، مشروع في غيره، ومتى ما عملت ذلك فان الله يقبله، ويجزيها عليه، ويرفع درجاتها بسببه. فمثلا القيام، الذي كانت تحرص عليه في رمضان، مشروع في غير رمضان، فهو ديدن الصالحين، وشرف عباد الله المؤمنين، كما قال تبارك وتعالى إخبارا عن سلف هذه الأمة: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} ما الذي أسهرهم؟ متابعة القنوات الفضائية؟ لا.
أسهرهم قيام الليل، فهم كما قال عز وجل: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} تتجافى جنوبهم: يعني ترتفع وتنزعج عن مضاجعها اللذيذة، إلى ما هو ألذ عندهم منه وأحب إليهم، وهو الصلاة في الليل ومناجاة الله جل جلاله.
إن قيام الليل سبب من أسباب دخول الجنة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام).
وكما ان القيام مشروع في غير رمضان، فكذلك الصيام، فان من صام يوماً في سبيل الله باعد به عن وجهه النار سبعين خريفاً يوم القيامة. فينبغي للمسلم ان يكون له نصيب من الصيام في غير شهر رمضان كصيام الاثنين والخميس من كل أسبوع، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهد ذلك، ولما سئل قال: إن الأعمال تعرض على الله كل اثنين وخميس فأحب ان يعرض عملي وأنا صائم. وكذلك صيام الأيام البيض من كل شهر، الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، ففي الحديث: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وقال: هي كصيام الدهر).
ومن الصيام المشروع صيام ستة أيام بعد العيد من الشهر القادم، سواء من أوله أو من أوسطه أو من آخره، سواء كانت هذه الست متتالية أو متفرقة، فصيامها بعد رمضان كصيام الدهر كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي أيوب رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر).
وكذلك تلاوة القرآن، مشروعة حتى في غير رمضان، ومن قرأ حرفاً من كتاب الله كان له به حسنة والحسنة بعشر أمثالها كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

( * ) حائل - ص ب 3998


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved