بداية انطلاق المشروعات العملاقة التطويرية أعلنها ولي العهد بمكة المكرمة
مشروع الشامية من الجهة الشمالية للمسجد الحرام

* مكة المكرمة - عبيد الله الحازمي :
شهدت مكة المكرمة حدثاً تاريخياً كبيراً ببداية انطلاقة مشاريع الخير والبركة .. لتوفير الراحة للزوار والمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام ، فقد أعلن صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني البداية لهذه المشاريع العملاقة بأم القرى ، وكان من ضمنها مشروع الشامية من الجهة الشمالية للمسجد الحرام وهو رؤيا مستقبلية وتطويرية من خلال مخطط توجيهي شامل ومفصل يجمع بين عمليتي إعادة التطوير والارتقاء العمراني ، وقد تم تطوير المشروع بالتنسيق مع الهيئة العليا لتطوير منطقة مكة المكرمة واتباع المتطلبات التخطيطية والتفصيلية التي وضعتها الهيئة لتطوير المنطقة المركزية حول المسجد الحرام.
(الجزيرة) رصدت هذا الحدث الكبير الذي يعد نموذجاً فريداً للمنطقة المركزية من خلال المشاريع العملاقة التي ستنطلق ، ومنها هذا المشروع الذي يغطي مساحة مليون وخمسمائة ألف متر مربع تقريباً ، ويمتد من أطراف الحرم الشريف إلى ما بعد الطريق الدائري الثاني شمالاً ، وشارع المسجد الحرام شرقاً وطريق جبل الكعبة غرباً .. ويشمل المخطط مناطق الشامية وجرول والقراره والنقا ، وبلغت المساحة الإجمالية تحت التطوير ثلاثة ملايين متر مربع موزعة على عدد من الأنشطة المختلفة من فنادق وسكن فندقي ومراكز تجارية وأسواق وخدمات عامة ، بالإضافة إلى السكن الدائم لأهالي المنطقة والخدمات المتعلقة به.
وتبلغ طاقة الاستيعاب الإسكاني للمشروع حوالي مائتين وخمسين ألف نسمة ، بالإضافة إلى طاقة استيعاب للمصلين تبلغ حدود الأربعمائة ألف نسمة ، وتم تطوير المخطط استرشادا بتوجيهات الهيئة العليا لتطوير منطقة مكة المكرمة وبعض المنطلقات التالية :
تأمين أعلى درجات الأمن والسلامة للحجاج والزائرين القاطنين في المنطقة ، ورفع مستوى الخدمات المتوفرة لهم بفصل حركة المشاة وحركة السيارات والحافلات ، وإيلاء البيئة المخصصة للمشاة أهمية كبرى والتخفيف من الضغط العمراني الخانق على حدود الحرم خصوصاً من جهة منطقة الشامية ، والوصول إلى التوزيع المتوازن لقيمة العقارات ضمن المنطقة التي شملها المخطط ، قدمت حلول تطوير مبتكرة تعمل على إيجاد توازن إيجابي لفوائد التطوير العمراني بين المناطق المتاخمة للحرم الشريف والمناطق الخلفية ، وكذلك تطوير فرص استثمارية متنوعة تتناسب والقدرات المختلفة للمستثمرين ومالكي العقارات جميعاً ، بحيث تسنح فرص المشاركة لأكبر عدد من الراغبين في ذلك والارتقاء بالمستوى العمراني بشكل يتناسب ومكانة الحرم الشريف وموقع مكة المكرمة كعاصمة العالم الإسلامي.
ويتكون المخطط من العناصر الرئيسية التالية :
أولاً : محاور المشاة الرئيسية : تشع من الساحة ثلاثة محاور رئيسية للمشاة يبلغ متوسط عرضها ستون مترا ، تلتزم هذه المحاور اتجاه القبلة وتشكل عمقاً مدينيا استراتيجيا وساحات إضافة للصلاة بسبب التزامها اتجاه القبلة ، تستوعب ما مجموعه مائتا ألف مصل ، إضافة إلى ما ستؤمنه توسعة ساحة الحرم ، تشكل هذه المحاور أعمدة فقرية للنسيج العمراني المحيط بها ، حيث تصطف على جانبيها الأبنية التي تحوي الأنشطة المختلفة وتزدان مسطحاتها بأبهى أساليب تنسيق المواقع العامة والساحات ، تقع أسفل المحاور مرائب عامة وطرق خدمة ومرافق خدمات مختلفة وتنتهي كل من هذه المحاور بساحة رئيسية ، يعرف المحور الأول والمتجه من قبالة بوابة الفتح شمالاً بمحور الفتح ، وينتهي بساحة البوابة الشمالية ويبلغ طوله 1600 مترا. المحور الثاني ينطلق من طرف ساحة الحرم الشريف شمال غرب باتجاه طريق المدينة المنورة ، وينتهي خلف الهضبة أسفل جبل هندي ويعرف بمحور الهجرة يبلغ طول هذا المحور 800 متر ، وينتهي بساحة الهجرة.
أما المحور الثالث فينطلق من قبالة باب العمرة باتجاه جبل الكعبة ، مرورا فوق شارع خالد بن الوليد ، يبلغ طول هذا المحور 400 متر تقريبا وينتهي بساحة عامة.
ثانياً : مدرج الفنادق ، وهو يتكون من مدرج من ثلاثة مستويات يفصل بين كل منها شارع عريض ، وتصطف عليها مجموعة من الفنادق بشكل محوري طولي متدرج يسمح لها بالإطلال على الحرم الشريف ، وتتميز هذه المجموعة من الفنادق بقربها من ساحات الحرم والإطلال عليه.
ثالثاً : القلعة السكنية : وهي مجموعة من المباني أعلى جبل هندي مخصصة للسكن الفندقي والسكن الدائم ، طورت بشكل يستوحي النمط العمراني للقلاع الجبلية ، ومنها استوحت تسميتها.
رابعاً : البوابة الشمالية : وهي معلم معماري رئيسي في المشروع يحدد موقع المدخل الرئيسي له عند نهاية محور الفتح والتقائه بالطريق المقترح للمدخل الشمالي للمنطقة المركزية ، تتكون البوابة من برج مميز يتوسط ساحة كبيرة تحيط بها مجموعة من المباني متوسطة الارتفاع التي خصصت للنشاطات التجارية والتسوق ، أسفل الساحة تقع محطة البوابة الرئيسية وهي تتكون من خمسة طوابق تحوي محطة حالات ومرائب للسيارات.
خامساً : المرائب العامة والخاصة : يحوي المشروع على مجموعة من المرائب العامة يقع أهمها أسفل البوابة الشمالية وأسفل ساحة الهجرة وكذلك أسفل المحاور الرئيسية ، تبلغ السعة الإجمالية للمرائب العامة حوالي 10500 سيارة وحافلة ، أما المرائب الخاصة فهي محددة في الطوابق السفلية لكل قطعة أرض بحسب برنامج التطوير الخاص بها ، وقد روعي تحديد مواقع المرائب العامة خارج إطار الطريق الدائري الأول منعا لازدحام السير داخل المنطقة المركزية.
سادسا : تقسيم الأراضي وشبكة الطرق : يلحظ نمط تقسيم الأراضي المعتمد في المخطط ، ضرورة حصول كل قطعة أرض في المخطط على واجهة مباشرة على شبكة الطرق ، وكذلك ضرورة الوصول والتخديم المباشر لكل قطعة أرض من خلال شبكة الطرق المعتمدة ، كما يؤمن المرونة في التطوير من خلال اتباع نمط التجميع الرباعي لقطع الأراضي في بلوكات كبيرة.
وقد تم تطوير شبكة طرق مكونة من ثلاث مستويات : الطرق الرئيسية والطرق المحلية والطرق الفرعية ، وقد تم تصميم الطرق وربطها بشبكة الطرق الموجودة في المنطقة المركزية بشكل يؤمن أعلى مستوى كفاءة وسهولة في الحركة داخل منطقة التطوير منها واليها من المناطق المجاورة والمحيطة.
تاسعا : مراحل ووحدات التطوير : تم تنظيم المخطط زمنيا بحيث يلحظ ثلاث مراحل رئيسية متتابعة، يهدف التنظيم المرحلي إلى دمج عملية التطوير بالنشاط القائم في المنطقة المركزية بشكل يسمح بالعمل دون شل الحركة فيها. كذلك يؤمن التطوير المرحلي إدارة أفضل لعملية التطوير من الناحية الإجرائية ويسمح كذلك باستيعاب الدروس المستفادة من كل مرحلة.
هذا وقد تم تقسيم التطوير إلى وحدات مختلفة الأحجام تتشكل كل منها من شركة مساهمة بحسب نمط وحجم التطوير المخطط له في المنطقة المعنية. يفسح هذا النمط من تنظيم التطوير أمام المالكين وأصحاب الأراضي إمكانية المشاركة في عملية التطوير ضمن الحدود التنظيمية المقترحة أو المشاركة بقيمة عقاراتهم ضمن الشركات المساهمة الكبيرة التي ستؤسس لتنفذ المخطط التوجيهي.
وقد تعاونت شركة الشامية مع شركة ميلينيوم ، ومقرها بيروت لبنان ، كاستشاري التطوير الرئيسي ، لعبت شركة ميلينيوم الدور الأساسي في تنظيم وإدارة كافة مراحل الدراسة التي مر بالمكاتب الاستشارية في العالم ، موزعة على المملكة العربية السعودية وماليزيا والمملكة الأردنية الهاشمية وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا ، كل في مجال اختصاصه ، من تنظيم وتخطيط مدني وتطوير عمراني ودراسات مرورية وتصميم معماري وهندسة وتنسيق الحدائق والمواقع ، على تطوير المراحل المختلفة من عملية الدراسية ووضع المخطط بما في ذلك مواصفات واشتراطات التطوير وإطلاق مسابقة تخطيط وتصميم عالمية على مرحلتين ، وكذلك وضع المخطط الأولى وتحضير كافة متطلبات الحصول على الموافقة الابتدائية من الهيئة العليا على المخطط الأولي ، ومن ثم تطوير المخطط النهائي وتجهيز الملف الكامل المطلوب للحصول على الموافقة النهائية على المخطط.
يبقى التوجيه السديد من أولي الأمر عنصر الأمان في تحقيق الهدف والمصلحة العامة ، كما يشكل التفاعل الإيجابي لسكان المنطقة المعنية وسائر أهل مكة الكرام الأرضية الخصبة لتطور المشروع الذي تأمل شركة الشامية أن يشكل بحق علامة فارقة في تاريخ تور المنطقة المركزية من مكة المكرمة.