من الأردن نسقي العُرْبَ حُبّاً
ومن تاريخه عزاً ومجدا
وفي عمّان يشدو الطير لحناً
يحيي من أتى جمعاً وفردا |
هذان البيتان أرددهما بسعادة غامرة كلما قدمت إلى المملكة الأردنية الهاشمية .. ولهذين البيتين حكاية أستأذن قارئي الكريم في سردها.
ففي عام 1974م سافرت من بلدتي (النزلة) شمال مدينة غزة بصحبة والدي - رحمه الله - قاصدين عمّان العاصمة الأردنية العريقة .. وكنت في طريقي إلى الرياض ومعي أسرتي الصغيرة بينما يتوقف الوالد في عمّان لقضاء بعض شأنه ثم يعود.
وكانت تلك المرة الثانية في حياتي التي أتشرف فيها بزيارة عمّان حيث كانت المرة الأولى قبلها بشهرين أثناء مروري من السعودية إلى بلدتي المحتلة عير الأردن .. لكنني في المرة الأولى لم أستمتع سوى ببضعة أيام في عمّان لظروف السفر. أما في المرة الثانية فكانت الفرصة سانحة بصحبة الوالد الذي كان - رحمه الله - محيطاً بكل شبر في هذه البلاد العريقة والتي كان يتشرف بحمل جنسيتها هو والوالدة - رحمها الله - بمكرمة ملكية من جلالة الملك حسين - رحمه الله -
. أعود إلى بيتي الشعر المذكورين في المقدمة ، فأجأني والدي - ونحن على مشارف عمّان - بقوله: هل تستطيع أن تنظم بيتاً من الشعر الآن تحيي به الأردن؟ فعصرت ذهني قليلاً وأجبته: نعم .. ببيتين لا بيت واحد .. فقال: هات ما عندك .. فأسمعته البيتين السالفي الذكر اللذين تفتقت عنهما قريحتي خلال بضع دقائق. فأعجب - رحمه الله - بهما وأكرمني بالثناء عليّ .. وقال: (هذا أنت شاعر وأنا لا أدري!! ليتك تدبجها قصيدة).
ومنذ ذلك التاريخ عشقت الأردن الدولة والأرض والناس. وعشقت عمّان العاصمة والمدينة والحضارة والعراقة تحتضن بعض أهلي أعزاء على قلبي ونفسي .. ولا أترك فرصة تلوح لي كإجازة أو عيد إلا وأغتنمتها لأقضيها في ربوع هذه البلاد الجميلة .. وأردد بيتي الشعر المذكورين لحظة وصولي إليها .. ثم أقضي أياماً سعيدة بين الأهل الأعزاء أياماً جميلة خاصة في فصل الصيف الذي يتميز بروعته في أجواء الأردن وجبالها الشم وأوديته الخصبة الرائعة وما تنعم به من خيرات وطبيعة خلابة تذكرني بجمال الطبيعة هنا في المملكة الذي حباه الله لبلاد عسير والباحة والتي حظيت بالمعيشة فيها أول شبابي لأكثر من سبع سنوات .. سنوات أحن إليها وأذكرها بكل خير وحنين. ما يسعدني هو أنني كلما أسافر وحين أجتاز الحدود بين المملكتين الشقيقتين السعودية والأردن أشعر بأنني أغادر أهلي لأهلي وأنتقل من بلدي إلى بلدي ويعلم الله أنني أشعر بهذه العواطف بكل إحساس صادق..
ونحن إذ نعيش هذه الأيام الكريمة المباركة من الشهر الفضيل المبارك أدعو الله جل في علاه أن يديم الخير والأمن على مملكتينا الحبيبتين إلى نفسي ونفس كل من ينعم بخيرهما وأمنهما وأدعوه عزّ وجلّ أن يجعلهما على مدى الزمن نبراساً للأمة العربية ومثالاً طيباً للعلاقات الأخوية المخلصة بين القيادتين الشقيقتين والشعبين الشقيقين الكريمين وليحفظ الله الجميع من كل شر.
|