لست مع المتشائمين بعد الإخفاق العربي اللهم إلا من بعض الميداليات التي حفظت قليلاً من ماء وجهنا كعرب والتي لا تعبر عن الشعوب العربية المتطلعة لمكانة متميزة بين شعوب العالم في أكبر محفل رياضي عالمي، أقول أنا لست مع هؤلاء وإن كنت أعذرهم وهم يرون شعوباً أقل حضارة وعراقة وهي تحصد الميداليات المتنوعة، ولكن لا بد من معرفة الأسباب التي أدت لهذا وأن نكون واقعيين في التعامل مع الأحداث ولا نتعامل بالعاطفة كعادتنا دائماً وأن نبدأ من الآن في الإعداد الجاد للدورة الأولمبية القادمة، فصناعة البطل تأخذ الكثير من الوقت والجهد، وهذا الذي رأيناه من أبطال في مختلف الألعاب كان نتاج الكثير من التدريب لسنوات عديدة، ويجب أن نعرف أن تحطيم جزء من الثانية في مسابقات الجري في ألعاب القوى أو السباحة يحتاج ربما إلى سنوات تدريب، إذن يجب اختيار العناصر القادرة على تحقيق هذا الإنجاز من اللاعبين ومن ثم التركيز عليهم وإعداد البرامج التدريبية الطويلة المدى، وهناك بعض النقاط المهمة يجب وضعها في الاعتبار وهي:
1 - حصر الألعاب التي يمكن تحقيق ميداليات فيها وخاصة الألعاب الفردية والمنازلات كالسلاح والفروسية والملاكمة والمصارعة ورفع الأثقال فهذه الألعاب يمكن وضع برامج تدريبية والتقدم بها لأن إعداد لاعب واحد يختلف عن إعداد فريق بأكمله.
2 - يجب أن نعرف أن هناك بعض الألعاب محجوزة لبعض الدول وخاصة معظم الألعاب الجماعية ككرة السلة واليد والطائرة وكذلك السباحة والجمباز وذلك لأن حجم الممارسين لهذه الألعاب في الدول الأخرى أكبر بكثير من دولنا، كما أن مستوى المنافسة في هذه الدول عال جداً، وأستثني فقط كرة القدم، إذ يمكن إحراز تقدم فيها وربما إحراز ميدالية ورأينا العراق وكيف كان بإمكانه إحراز ميدالية وذلك لأن المسافة بيننا وبين الدول في كرة القدم ليست كبيرة ويمكن تداركها.
3 - الاحتكاك القوي وعمل بطولات قوية ونحضر الفرق القوية ولا نخاف من الخسارة، فنحن العرب ماذا سنستفيد من اللعب بعضنا مع بعض إذا كان المستوى كله في الدول العربية متقارباً؟ وأعتقد أن المملكة بإمكانياتها الكبيرة سواء المادية أو البشرية قادرة على تنظيم بطولات ودية بجوائز ضخمة واستقدام فرق ولاعبين على مستوى عال للوقوف على مستوانا الحقيقي ولماذا لا نقيم بطولة عالمية في ألعاب القوى، والمصارعة، ورفع الأثقال.. وغيرها من الألعاب.. اقتراح أضعه بين أيدي الرجل الذي يحمل على كاهله عبء الرياضة العربية والسعودية سمو الأمير سلطان بن فهد راعي الرياضة العربية الذي لا يتوانى ولا يدخر جهداً من أجل النهوض بكل ما يمس النشاط الرياضي ليس في المملكة فحسب، بل في الوطن العربي بأكمله.
4 - يجب الارتفاع بمستوى الثقافة الرياضية والوعي بأهمية ممارسة الرياضة لشعوبنا، فصناعة البطل تحتاج إلى التدريب منذ الصغر وهذا يتم نتيجة تشجيع الأهل والوالدين لهم، أما نحن في الدول العربية فممارسة الرياضة بمواعيد وترتبط بالإجازات فقط!! وعندما تبدأ الدراسة من الصعب أن يترك الأب ابنه يمارس الرياضة ولهذا السبب تحول معظم شبابنا العربي إلى مشاهدين بدلاً من أن يكونوا ممارسين. وأقول ما المانع أن ننظِّم الوقت ونعلِّم أولادنا تنظيم الوقت بين الاستذكار وممارسة الرياضة، وإنني أتساءل هل من الأفضل أن نرى شبابنا يمارسون الرياضة من أجل البطولة والتنافس والكفاح أم من الأفضل أن نراهم وهم في سن الشباب يدخنون الشيشة والاكتفاء بإضاعة الوقت!!
5 - الاهتمام بالتغذية الصحيحة لأولادنا وليس المهم الكمية التي يأكلها أطفالنا ولكن المهم أن نعرف ماذا يأكل أولادنا وما الغذاء المفيد لهم في كل مرحلة سنية وهذا موضوع آخر، ولكن يكفي أن نعرف أن لاعباً من لاعبي الجمباز الذين رأيناهم في البطولة يظل محروماً ولسنوات عديدة من أكل الشيكولاتة والآيس كريم وكثير من أنواع الأكل.
نعم، الموضوع كبير ويحتاج إلى تضافر الكثير من الجهود ولكنه ليس مستحيلاً، فكم من البطولات والإنجازات حققها العرب على مدى السنوات الماضية، المهم أن نبدأ فأنا واحد من أبناء هذا الوطن العربي العظيم، وأتمنى أن أرى أبناءه وهم يرفعون أعلام بلدانهم في كل مكان على وجه الأرض.
د. محمود متولي / مدرب نادي اللواء ببقعاء |