في مثل هذا اليوم من عام 1973 توفي الأديب المصري الكبير محمود تيمور. يُعدُّ محمود تيمور أحد الرواد الأوائل لفن القصة العربية، وهو واحد من القلائل الذين نهضوا بهذا الفن الذي شهد نضوجًا مبكرًا على يديه، واستطاع أن يقدم ألوانًا مختلفة من القصص الواقعية والرومانسية والتاريخية والاجتماعية، كما برع في فنون القصة المختلفة، سواء كانت القصة القصيرة، أو الرواية، وتأثر به عدد كبير من الأدباء والروائيين الذين أفادوا كثيرا من ريادته الأدبية وإبداعاته القصصية، فساروا على دربه، ونسجوا على منواله.
ولد محمود أحمد تيمور في أحد أحياء مصر القديمة في 16 من يونيو 1894، ونشأ في أسرة عريقة على قدر كبير من الجاه والعلم والثراء؛ فقد كان أبوه أحمد تيمور باشا واحدًا من أبرز أعلام عصره ومن أقطاب الفكر والأدب المعدودين، وله العديد من المؤلفات النفيسة والمصنفات الفريدة التي تكشف عن موسوعية نادرة وعبقرية فريدة.
وكان درب سعادة - وهو الحي الذي ولد فيه محمود تيمور - يتميز بأصالته الشعبية؛ فهو يجمع أشتاتًا من الطوائف والفئات التي تشمل الصناع والتجار وأرباب الحرف من كل فن ولون.
وقد تَشربَّت نفسه وروحه بتلك الأجواء الشعبية منذ نعومة أظفاره، واختزنت ذاكرتُه العديدَ من صور الحياة الشعبية والشخصيات الحية التي وقعت عيناه عليها، وأعاد رسمها وعبر عنها - بعد ذلك - في الكثير من أعماله القصصية. وما لبثت أسرته أن انتقلت إلى ضاحية عين شمس، فعاش في ريفها الساحر الجميل الذي كان ينبوعًا لوجدانه، يغذيه بالجمال والشاعرية، ويفجر فيه ملكات الإبداع بما فيه من مناظر جميلة وطبيعة خلابة ساحرة.
وقد تعلم محمود تيمور بالمدارس المصرية الابتدائية والثانوية الأميرية، والتحق بمدرسة الزراعة العليا، ولكن حدثت نقطة تحول خطيرة في حياته وهو لم يتجاوز العشرين من عمره بعد؛ فقد أصيب بمرض التيفود، واشتدت وطأة المرض عليه، فانقطع عن دراسته الزراعية، ولزم الفراش ثلاثة أشهر، قضاها في القراءة والتأمل والتفكير، وسافر إلى الخارج للاستشفاء بسويسرا، ووجد في نفسه ميلاً شديدا إلى الأدب، فألزم نفسه بالقراءة والاطلاع، وهناك أتيحت له دراسة عالية في الآداب الأوربية، فدرس الأدب الفرنسي والأدب الروسي، بالإضافة إلى سعة اطلاعه في الأدب العربي. واتسعت قراءاته لتشمل روائع الأدب العالمي لعدد من مشاهير الكُتّاب العالميين، مثل: (أنطون تشيكوف)، و(إيفان تورجنيف)، و(جي دي موباسان).
وقد لاقت مؤلفاته اهتمامًا كبيرًا من الأدباء والنقاد والدارسين، فتُرجم كثيرٌ منها إلى عديد من اللغات كالفرنسية، والإنجليزية، والألمانية، والإيطالية، والعبرية، والقوقازية، والروسية، والصينية، والإندونيسية، والإسبانية.
|